تعريف الحديث المعضل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-:
النوع الحادي عشر: المعضل:
وهو ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا، ومنه ما يرسله تابع التابعي. قال ابن الصلاح: ومنه قول المصنفين من الفقهاء: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: وقد سماه الخطيب في بعض مصنفاته مرسلا؛ وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل إسناده مرسلا.
قال ابن الصلاح: وقد روى الأعمش عن الشعبي قال: "ويقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا، فيقول: لا، فيختم على فيه.." الحديث. قال: فقد أعضله الأعمش؛ لأن الشعبي يرويه عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: فقد أسقط منه الأعمش أنسا والنبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فناسب أن يسمى معضلا.
نعم هذا النوع الحادي عشر، الذي هو المعضل، وقد عرفه ابن كثير -رحمه الله- بقوله: وهو ما سقط منه اثنان فصاعدا، ومنه ما يرسله تابع التابعي، فالمعضل من النوع الضعيف، الذي ضعف بسبب عدم اتصال إسناده، واشترطوا فيه أن يكون الساقط اثنين فصاعدا، وقد تقدم في المنقطع أنه ما سقط منه راو واحد.
إذن الفرق بين المنقطع والمعضل أن المعضل ما سقط منه اثنان فأكثر، وهذا لا إشكال فيه، وذكر ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- أن الخطيب يسميه مرسلا، وهذا ليس فيه إشكال، تسمية المعضل مرسلا -على ما ذكرت بالأمس- هل يشكل هذا أو لا؟ تسمية المعضل مرسلا؟ يقول ابن الصلاح: وقد سماه الخطيب في بعض مصنفاته مرسلا، وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل إسناده مرسلا، من هم الذين يسمون أو يطلقون على كل ما لم يتصل إسناده مرسلا؟ هم الأئمة الأُول.
إذن لا إشكال فيه، إذن هو نوع من الإرسال، اشتد إرساله فأُطلق عليه اسم معضل؛ لأن المعضل هو الأمر المستغلق الشديد، وتنبهون هنا في المعضل إلى أنه -يعني- مأخوذ في اللغة من الإعضال، الذي هو الاستغلاق؛ ولهذا يطلق الأئمة أيضا على الأسانيد يطلقون على بعض الأحاديث بأنها معضلة، وإن لم يكن فيها سقط أصلا، بمعنى أنها شديدة العلة، أو -يعني- نحو هذا الأمر.
إذن في كلام الأئمة يوجد الإعضال، هنا في الإرسال ما سقط منه اثنان، أطلق ابن المديني وأطلق أبو داود على ما سقط منه اثنان اسم المعضل، وكذلك الحاكم، كما مثل لذلك برواية الأعمش عن الشعبي قال: "ويقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا، فيقول: لا، فيختم على فيه". قال الحاكم: أسقط الأعمش أنسا والنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا لا إشكال فيه، ولكن أيضا يسمى أو يطلق المعضل على -يطلقونه على- ما اشتد ضعفه، وإن لم يكن فيه سقط.
وممن استخدمه بهذا المعنى الإمام أحمد، والجوزجاني يكثر من هذا، يقول: الراوي له معاضيل، أو له معضلات، ويقولون: هذا حديث معضل، ويسوقون الإسناد كاملا.
إذن إذا قرأت في كلام الأئمة، ووجدت إطلاق اسم المعضل على غير السقط، فلا تستغرب هذا، فالمقصود هنا أن ما سقط منه اثنان يسمى معضلا، وليس معناه أنه لا يسمى المعضل إلا ما كان فيه سقط، لا يريدون هذا، وإنما يريدون أن ما سقط منه راو أو أكثر.
متى يسمى السقط في الإسناد معضلا؟ إذا كان الساقط اثنين فأكثر، فهذا يسمى معضلا، ولكن ما لم يسقط منه شيء يسمى أيضا معضلا؛ لأن الإعضال -كما ذكرت- هو من الاستغلاق، وقد أطلق عليه كذلك الإمام أحمد والجوزجاني وابن عدي والنسائي وجماعة كثيرون، يطلقون اسم الإعضال على ما لم يسقط منه شيء، فهذا معنى المعضل إذن. نعم.
عندنا الآن سيدخل المؤلف في المعنعن، وهو غير المعضل، ووضعه تحت النوع الحادي عشر وإن كان مستقلا عنه. نعم، اقرأ قوله: "قال: وقد حاول بعضهم.."
لفضيلة الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم