جاء على لسان قلم الإعلامي الشهير وأحد أبناء الجزائر الذين يرفعون لواء التحدي في المشرق والخليج العربيين ، مايلي
الغضب والأمل معا...!
الحياة حق والموت حق، وكذلك الحب والكره والعدل والظلم والخير والشر، وفي الكرة هناك الفوز والخسارة والفرح والغضب بعدهما، وهي كلها سنن الحياة وتناقضاتها التي نعيشها يوميا وتعيشها الأندية والمنتخبات العربية وجماهيرها، وتتعامل معها بتطرف غريب يدل على نقائص كثيرة نعاني منها في حياتنا وتنعكس سلبا على صحافتنا ومعنويات جماهيرنا التي تحب بقوة وتكره وتتأثر بسرعة، وتفرح كثيرا وتحزن بنفس القدر ولا تستقر على حال مثلما لا يستقر أداؤنا ونتائجنا..
إذا فزنا يسكننا الغرور ونخسر في المباراة المقبلة ولا نستقر على حال وتبدأ مساومات المدربين واللاعبين اعتقادا منهم بأنهم صعدوا القمر وبأنهم وصلوا إلى المستوى العالي، ونفرح كثيرا لدرجة الجنون، وبعضهم يموت من شدة الافراط في الفرحة، وتذهب الصحافة في تعاملها مع الفوز الى أقصى حدود التفاؤل والغرور وتمجيد الفريق أو المنتخب والمدربين.
أما إذا خسرنا فالأمر أدهى وأمر حيث يسكننا الغضب الشديد والشك واليأس حتى ولو كانت قدراتنا وإمكانياتنا كبيرة في التعويض والعودة إلى أحسن الأحوال، ويخرج إلينا الفلاسفة والمنظرون من المحللين والمدربين الفاشلين في مشاويرهم لينتقدوا المدرب والنادي أو المنتخب، ويلعبون على مشاعر الجماهير. أما الصحافيون الذين يبحثون عن الإثارة والفتنة فتجدهم يتكالبون على كل شيء جميل رغم أنهم من أكبر المستفيدين مهنيا وماديا من نجاح المنتخبات والأندية لأنهم يبيعون ما يكتبون وتزداد مداخيلهم من الاشهار في جرائدهم وقنواتهم الاذاعية والتلفزية.
ليس هناك غضب وأمل في آن الوقت كما تقتضيه سنة الحياة، وليس هناك اعتدال وتعقل عند الجميع مثلما نلحظه في الأوساط المصرية والجزائرية مثلا نتيجة تعثر المنتخبين في بداية تصفيات كأس أمم إفريقيا.
الجزائريون وصحافتهم نسوا بسرعة انجازات المنتخب وها هم يغضبون بسرعة وقوة بسبب التعادل أمام تنزانيا والخسارة ضد جمهورية إفريقيا الوسطى، ويضحي الجميع بالمدرب رابح سعدان وبعض اللاعبين الذين استغنى عنهم خليفته عبد الحق بن شيخة، وتحول المنتخب من صانع الأفراح ومفخرة الجزائريين إلى منتخب فاشل وضعيف في ظرف وجيز، ودخلت الصحافة في اللعبة لتلعب بمشاعر عشاق الكرة في الجزائر وتحرضهم على اللاعبين والمدربين مستغلة كل من يحقد عليهم.
وصول شبيبة القبائل إلى نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا لم يثمنه أحد في الجزائر رغم المشوار الرائع الذي أداه الفريق، وملامح عودة الأندية إلى التألق قاريا بعد غياب طويل عن مسرح الأحداث، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على الجماهير التي لم تخفي استياءها وغضبها.
أما المصريون أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي فان حالهم لا يختلف عن حال الجزائريين من حيث التشاؤم واليأس الذي سكنهم بعد تعثر منتخبهم أمام سيراليون وخسارته في النيجر وبدأوا الحديث عن ضرورة انسحاب حسن شحاتة والاستغناء عن بعض اللاعبين، ويتحدثون عن إقصاء منتخبهم من نهائيات كأس أمم إفريقيا المقبلة وكأن بعضهم يحرجهم تألق المنتخب ويترصدون الإخفاق للصعود فوق الأكتاف والظهور في صورة المنقذين والعارفين بشؤون الكرة والمنتخب.
إقصاء الأهلي في نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا منطقيا أمام الترجي كانت فرصة أخرى للمتشائمين ليعودوا إلى الواجهة بأفكارهم وأرائهم الخبيثة، وهم نفس الأشخاص الذين صنفوا حسن شحاتة ضمن الكبار ونفس الأصوات التي طبلت وزمرت لدخول المنتخب المصري ضمن العشرة الأوائل في تصنيف الفيفا، وهي نفسها التي ستسير مع التيار غدا وتنسى بسرعة أو تتناسى لأن مصالحها تقتضي ذالك.
الأمر ينطبق على تونس والمغرب والسودان وليبيا وبدرجة أقل على منتخبات المشرق العربي التي تعاني نفس المأساة مع الصحافة والجماهير والمحللين والمدربين العاطلين عن العمل لأن ثقافتنا في التعامل مع النجاح والفشل واحدة في الوطن العربي، ولا نعلم بأن الاعتدال والوسطية ضرورتان في حياتنا اليومية والأمل والثقة في النفس سلاح لا يمكن الاستغناء عنهما مهما كان الحال، ولكن أصوات المغامرين والمتربصين بالناجحين تعلو فوق أصوات العقل والحكمة والأمل، وذاكرة جماهيرنا تصبح صغيرة ولا تحفظ التضحيات والنجاحات، ولا تحتفظ بالصور الجميلة ولا تستثمر فيها والنتيجة تكون واحدة في كل الأحوال هي الغضب واليأس دون أمل وتفاءل وطموح.
- المصدر - الغضب والأمل معا...! | ADMCsport.com
http://www.admcsport.com/ar/football/news/article-7537#ixzz142XD5ZWCاخبار رياضية واخبار كرة القدم العربية والعالمية أخبار الرياضة