هل توافِق الزوجة على أمر زوجها لها بخلْع الحجاب؟ وهل يجوز للفتاة المُتحجِّبة خلعُ الحجاب ليلة الزِّفاف؟
حجاب المرأة مفروض بالكِتاب والسُّنّة، وإذا كان الله ورسوله قد أمرا به فلا يتوقَّف التنفيذ على إذن أحد من البشر، والزّوج الذي يأمر زوجته بخلعه عاصٍ؛ لأنه يأمرها بمعصية، كقوله لها لا تصلِّي ولا تصومي، وذلك إثمٌ عظيم؛ لأنّه يأمر بالمنكر، وبالتالي يحرّم على الزوجة أن تُطيعه في ذلك، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وطاعة الزّوجة لزوجِها في المقصود الأصلي من الزواج، وهو المتعة ورعاية البيت والاستقرار فيه، ولا سلطانَ عليها فيما عدا ذلك، من الأمور العامّة التي يشترك فيها الرجال والنِّساء، فالله هو الذي يأمر وينهى.
ولا يُقال: إنها مُكرهَة على ذلك فتُعفَى من المسؤولية، فغاية عصيانِه أنه سيطلقها ورزقها ليس عليه بل على الله سبحانَه، وسيُهيِّئ لها مَن يَرعاها ويَحميها في غير هذا البيت الذي تُنْتَهك فيه حُرُمات الله، ولا خوف على أولادها منه، فهو المتكفِّل بالإنفاق عليهم وعلى أمِّهم الحاضنة لهم.
ولتعلَم الزوجة أنها لو أطاعته في خلع الحجاب ـ وهو عنوان الشّرف والعَفاف ـ فسيسهُل عليها طاعتُه فيما هو أخطر من ذلك؛ لأن مثل هذا الزواج لا غيرةَ عنده ولا كرامة وستجرُّه المدنيّة إلى تجاوز حدود الدين حتى لا يُعاب بالرجعيّة إن لم تكن زوجته مجارية للعُرف الحديث بما فيه من أمور يأباها الدين.
فليتقِّ اللهَ أمثالُ هذا الزّوجِ، وليحمِدوا ربهم أن أعطاهم زوجاتٍ عفيفاتٍ محافظاتٍ على شرفِهن وعلى شرفِهم، ولا يستهينوا بسفور الزّوجة زاعمين أنه شيء بسيط، فإن معظم النار من مستصغَر الشرر.
أما خلع العروس حجابها ليلة الزفاف فهو حَرام ما دام هناك أجنبي، فلم يرد الشرع ولم يقل أحد من العلماء باستثناء هذه المناسبةِ، ولا يجوز أن نطوِّع الدين لهذا السلوك الوافد علينا ممن لا يَدينون بالإسلام، فقد كانت العروس تظهر بكامل زينتِها في الماضي البعيد والقريب ما دام المحتفِلون بها هم النِّساء والأقارب المحارم كالأبِ والأخ والعم والخال، وذلك بمَعزِل عن الرجال والأجانب.
وما يُعمل الآن في الأماكن التي يختلط فيها الرِّجال مع النساء دون التزام بالحجاب الشرعي لا يُقرُّه الإسلام، ومن شارَك فيه فهو مُخطئ مهما كانت شخصيته، ولا ينتظرنَّ أحد أن يُفْتِيَ عالم ديني بجوازِه للضرورة أو الحاجة، فليستْ هناك ضرورة ولا حاجة، والزوجة للزوج لا لغيره، وزينتُها له لا لغيره، ومن خَرج على حدود الدِّين فهو آثم، والحلال بَيِّن والحرام بَيِّن، ولأن يُرتكب الحرام على أنه حَرام أخفُّ من أن يُرتكب على أنه حَلال، وإن كان الكلُّ عِصيانًا لله، وعِصيانٌ يُفضِي إلى توبة أخفُّ من عِصيان يُفضي إلى كُفْر.