هل يبقى قدر العرب أن ينظموا البطولات القارية فقط من ألعاب إفريقية وألعاب آسياوية وبطولات أمم آسيا وإفريقيا، القارتين اللتين يتواجدان فيهما؟ وماذا تجنيه أي دولة عربية إذا تمكنت من تنظيم المونديال ومنها قطر المرشحة القوية لتكون أول بلد عربي وإسلامي يتشرف باستقبال منافسة كأس العالم لعام 2022 أي بعد أقل من قرن من بداية هذه التظاهرة الكروية الكبرى التي بقيت حكرا على كل الأمم بما فيها الإفريقية "جنوب إفريقيا" والآسياوية "كوريا الجنوبية واليابان" إلا العرب الذين مازالوا في المنافسات القوية بعيدين عن العين وعن القلب؟ أسئلة كثيرة يطرحها الشارع العربي بكل أطيافه وسنبحث له عن إجابات في أرشيف المونديالات السابقة التي حدثت في المعمورة منذ عام 1930 في الأرغواي إلى غاية 2010 في جنوب إفريقيا
بعيدا عن السؤال المحرج وهو ماذا لو تأهل الكيان الصهيوني لمونديال تنظمه دولة عربية خاصة أن الصهاينة فعلوها عام 1970عندما شاركوا في مونديال المكسيك الذي تأهل إليه المنتخب المغربي حيث تصبح استضافتهم والتعامل معهم إجباري طوال البطولة، وهو ذات السؤال المطروح دائما عن إمكانية تواجد منتخب الدولة العبرية في مجموعة مونديالية مع منتخب عربي متأهل لكأس العالم، ويبقى الجواب مؤجلا إلى موعد حصول هذه المعادلة التي لا يتمناها أحد.. بعيدا عن هذا السؤال تنعم كل الدول الأمريكية اللاتينية التي نظمت المونديال ببحبوحة تقدم تفوق الدول المجاورة لها مثل الأرغواي التي نظمت مونديال 1930حيث تطورت أكثر من البيرو والبراغواي مثلا، كما أن الشيلي منذ أن استضافت مونديال 1962 طورت من منشآتها الرياضية وصارت بلدا سياحيا كبيرا، في الوقت الذي نافست فيه السياحة في المكسيك الولايات المتحدة بعد أن نظمت مكسيكو وغوادالاخارا وغيرها من مدن بلاد الأزتيك مونديالين متقاربين زمنيا بين عامي1970 و1986إلى درجة أن مونديال 1986 مسح دموع الشعب المكسيكي الذي ضربه زلزالا قبل أشهر من بداية منافسة كأس العالم.. وحققت البرازيل بمونديال1950 لقب عاصمة الكرة والرياضة وصارت قوة كبرى في سباق السيارات والكرة الطائرة، كما نافست الأرجنتين إسبانيا في عالم السياحة.. وتعترف فرنسا صراحة بأن كأس العالم التي احتضنتها عام 1998 جعلتها القوة السياحية الأولى في العالم وتمكنت في بداية الألفية الحالية من التفوق على إسبانيا رغم عودة الإسبان مؤخرا للمقدمة .
أما العرب والمسلمون فهم في حاجة أكثر لتنظيم تظاهرات من هذا النوع تجعلهم مركز استقطاب عالمي على مدار شهر من المنافسة وشهور من التحضير وما بعد المنافسة، وإذا كانت التظاهرات الاقتصادية والثقافية والكتابات والخطب الإعلامية التي يحاول فيها العرب والمسلمون تقديم الصورة الحقيقية لحضارتهم التي يحاول الغرب منذ قيام الدويلة الدخيلة عام 1948 ومنذ أحداث11 سبتمبر 2001 تشويهها ونجحوا للأسف بسبب تمكنهم من وسائل الإعلام القوية، ولا يوجد أحسن من المونديال ليعيش العالم بأسره حقيقة العرب والمسلمين الذين منهم بدأت الضيافة والكرم ومنهم انطلقت أشعة العلم والمعارف ومنهم ستعود.. ومما قاله الرئيس الجنوب إفريقي الفخري نلسن مانديلا عندما تمكنت بلاده من الفوز بتنظيم مونديال 2010 إن القرون الطويلة من كفاح الزولو ستختصرها انتصارات شهر من التظاهرة وتمكنت جنوب إفريقيا من تقديم صورة ستمكنها مستقبلا من تنظيم الألعاب الأولمبية بعد أن تمكنت من الحصول على قفزة سياحية كبرى .
المسافرون من مئات الآلاف من المشجعين والإعلاميين ومشاهير المعمورة عام 2022 إلى قطر سيكونون مجبرين على التوقف في دول عربية مجاورة، ونجاح قطر سيمكّن بقية العرب من الحلم في تكرار التجربة وكسر مركب النقص أمام الكبار، لأن قطر بانتصارها في الثاني من ديسمبر على القوى الكبرى ستحقق معادلة صعبة، لأجل ذلك لا خيار لنا سوى أن نكون " كلنا قطر " .