منتديات ستار تايمز 5

مرحبا بك زائرنا الكريم في منتديات ستار تايمز 5

اذا كنت غير مسجل يشرفنا ان تقوم بالتسجيل وذلك بالضغط على زر "التسجيل"

واذا كنت مسجل قم بالدخول الان وذلك بالضغط على زر"الدخول"


مع تحيات ،، اداره منتديات ستار تايمز 5
منتديات ستار تايمز 5

مرحبا بك زائرنا الكريم في منتديات ستار تايمز 5

اذا كنت غير مسجل يشرفنا ان تقوم بالتسجيل وذلك بالضغط على زر "التسجيل"

واذا كنت مسجل قم بالدخول الان وذلك بالضغط على زر"الدخول"


مع تحيات ،، اداره منتديات ستار تايمز 5
منتديات ستار تايمز 5
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
halliche123
عضو متألق
عضو متألق
halliche123


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 1128
تاريخ التسجيل : 02/09/2010
العمر : 34
الموقع : halliche123.forum.st

المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .  Empty
مُساهمةموضوع: المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .    المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .  Emptyالأحد 17 أكتوبر 2010 - 13:14

يتعيَّن علينا السَّهر من أجلِ تحقيق المُمكن ، أمَّا المُستحيل .. فقد ثأرَ على الدوامِ من المكانِ الفسيحِ الذي أثّثناهُ له خارِج مُخطّطاتِنا .. ولم يكُن يتأخرّ في الحُدوث أبداً .
الذين التقطوا الحصى من طريقنا ومهدوها لنا ... رمونا بنفس الحصى لاحقاً ، حين أيقنوا اجتيازَنا نصفَ الطّريق بنجاح .
لا تمنحوا ثقتكم لطريق أملس ، تشبثوا بقناعاتِ الصِّغر .. حينَ كُنتم تنتظرونَ فرصة اقترابِ السياراتِ منكم لتقرروا في تلك اللحظة بالذَّاتِ أن تقفزُوا أمامها مُسرعينَ و .. تعبروا الطَّريق ، وتذكّروا أنكّم كنتم على الدوام - على عكسِ الآن - تنجحُون في العبُور بدون تشوُّهاتٍ ترافقكم بقية أعماركم .

قبلَ : الكلام أقل فضيحة و إذلالاً من السُّكوت . هذا الصَّمتَ يجعلُ منهم يسمعُون كلاماً كثيراً ، ربما لا نرغبُ في قولِه ، ربما لم نكن نخطّط لقولِه ، وربّما ليس نفسَه الكلامَ الذي يعشش في رؤوسنا أصلاً .
الكلام أقلّ فضيحة . فلا تنصحُوا بالإفراطِ في تعاطيه . أفهم أنَّكُم لن تستحملُوا العيشَ بدون فضائح مُدة طويلة .
.
.
.
يستعيرونَ منَ بؤساءِ العالم حُرقتَهم لـ يتكلموا عمّا أرغمُوهم على فعله ، أمَّا نحن .. فلم نُرغَم على شيء ، جُلّ ما قامُوا به أنَّهم سلبونا كلَّ شيءٍ تماماً ومنحونا في المُقابل حُريّتنا في أن نتصرَّف بالباقي .
بأيدينا صنعنا المعجزات ، شكَّلناها بعناية ، ثم فيما بعد حين أثبتت أنها ليست قادرة على القيام بأي عملٍ ملفت ، شوَّهناها .. ، و انتقمنا منها بأن جعلناها مشاعة للجميع .
سمعنا منه شيئاً وحيداً : ابتعدوا عن العمق .. قبل أن ترمُوا بـ فأسكم .
استنتجنا منه شيئاً واحداً : كُونوا سطحيين لئلّا تغرقوا .
تعلَّمنا منه شيئاً واحداً : يا لسُخف فكرةٍ - تبدُو لكَ مرعبةً لأوَّل وهلةٍ - .. كـ الغرق !
.
.




.
.
قضَت رقابُنا فترةً ليست بالوجيزَة تحتَ أيديكم ، ظننا ذاك كافياً لتحددوا مقاسَ استدارتِها جيداً ، لتحفظُوا إحداثياتِ الغُصَّة أيقونةَ الدَّمار، لتخنقوننا بخفَّة و دُونَ أن نُحسّ .. فنستريحَ دفعةً واحدة . لكن زعمنا ذاك سرعانَ ما تبدّد حينَ لجأتُم لحبالٍ طويلة ربطتمونا بها في البهو الخارجي من اهتماماتِكم . كان يجدرُ بكم ألا تتركوا كل تلك المسافة . كان يجدرُ بكم أن تربطُونا ملتصقينَ بالوتدِ و لا تسمحُوا لنا بالتسكّع بعيداً قبلَ الارتدادِ . لم نكُن لنلومكم في شيء . نحنُ نفهم كيف للمسافات أحياناً أن تضخم من احتمالاتِ التعفن لتُوافق طموحاتِكم في جودةٍ رخيصةٍ تُهيّؤ لكُم سُبل احتكارنا . لكننا لم نفهم لحد الساعة ما الذي جنيتُموهُ من رائحةِ جيفِ حُريّتِنا المُختنقة .

آخرُونَ كانُوا كلَّما غابُوا أوَّلنا غيابَهم إشارةً لنكتُب ، فنكتُب .
و حينَ لا يعودون .. فوراً نُؤوِّل ذلك إشارةً لنمحُوَ ما كتَبنا ، فنُسارع .. لنمحُو .
و يغيبُون في كلِّ مرةٍ يعودونَ إلينا فيها ، فنفهُم أن الحياةَ مُجرَّد اختبارٍ لطالبٍ بليد متردد ، يقضِي جُلَّ وقتَه في تدوين الأجوبةِ و العودةِ لمحوِها .. و حين تهترئ الورقة ، يصنعُ منها طائرةً ورقية يُرسلها إلى زميلِه ، يضبطُها المعلِّم كالعادة قبل أن تصِل ، فيعمَد إلى رميهِ بصحبتها خارِج الفصل ، دونَ أن يفطِن إلى أنَّ السَّماء .. دائماً في الخارِج .
المطر .. دائماً بالخارج .
السَّعادة كذلك .. دائماً بالخارج .
.. إذ ما الذِّي قدَّمتُه لنا هذه الأسقُف والجُدران غير تقوّسٍ مُزمن في أضلعنا .. خيالاً أوسعَ من الحياةِ وعُسراً مزمناً في التّنفس !

أشياء تغيَّرتُ منذ آخر شتاء .. حينَ كنا نبتسمُ كطفلةٍ ، ثم فجأةً - دونَ أن ينتبِه أحد - بتنا نتطفَّلُ كابتسامة .
حفظنا جيداً متى يتوجَّب علينا أن نأتي ، لكننا لم نحدّد بعدُ متى يتعين علينا الرحيل .
لذلك خوفاً من أن نمكثَ في الوقت الذي يستلزمُ رحيلنا ، أو نرحل في الوقتِ الذي علينا أن نظلّ فيه قليلاً لمزيد من الوقت : لم نكُن أساساً نأتِي ، لكنَّهُم استمرُّوا في بعتِ رسائل يحثُّوننا فيها على المجيء وكأنَّهم سيهدوننا أعمارَهم لنقضيها نادمين .

-
الصِّغار ..!
تحلقنا مرَّة حول مائدة الطعام ، على غفلةٍ من الجميعِ وضعنا الشّوكة جانباً و مددنا أيدينا إلى الطبق و أخذنا نلتهم الأشياء بطريقةٍ لم نجد أنسبَ منها في ذلك الحين . زجرُونا ، ضربُونا على أيدينا ثم ثبَّتُوا الشوكةَ جيداً في أيدينا كأنَّها أمانة . من يومها ، لم نكفَّ عن غرسِ الشوك في الأشياء كي نمكِّنها من الوصولِ إلينا .. و من يومِها ، لم يكفّوا أبداً عن ضربِ أيدينا .
الصِّغار ..!
صغاراً نكون ، نرفعُ أعيننا في انبهار إلى أعين آبائِنا .. تبدُو لنا لوهلةٍ منارة في قلبِ البحر .
نكبُر .. تطولُ قامتنا ، و ألسنتنا ، و تطولُ جذورِ المآسي في أنفسِنا . تغدُو أعيننا في مستوى أعينِ آبائنا تماماً : النُّورُ الذي كانَ يضيءُ لنا قبل سنوات .. و هو بعيد عنا .. ، لم يخبُ .. لكنّه باتَ اليومَ وهُوَ يصبُّ في أعيننا .. يعمينا .
لَمْ نشهَد منظرَنا ونحنُ نكبرُ رويداً رويداً في أعينِ آبائنا ..
لذلك بكثيرٍ من التشنّج حاوَلنا ألّا يفوتَنا منظرُنا و نحنُ نصغرُ - دفعةً واحدةً - في أعينِهم وقد كبرنا .

.
.
زائفةٌ هي البلاهةُ التِّي باتَتْ تخلّفها أخبارُ الموت عندَ كلّ فرحةٍ مباغتة .
ليسَ لأنَّهم لم يلقّنُوننا صيغاً دقيقة نحفظُها حينَ نقفُ للتّعزية ، بل لأنَّه حقاً هراء أن تظلَّ تُكرر عباراتِ العزاء و أنتَ تعيشُ في مأتمٍ ضخمٍ كهذه الحياة .
حتَّى الصُّور ، بعدَ أن كانت بالأمس تمدُّنا بأسبابِ البقاء ، هي اليومَ تضخُّ في دمائِنا نزعةَ الرَّحيل .
صدُورنا كذلِك ، لم تعُد آمنةً لقوافِل النَّازحينَ من أقاصي الحنين ،
آخر مرَّة فتحنا فيها ذراعنا لنحضنهم ، راعَهم تفشِّي الأشواك في صدرونا ، ظنُّوها دسيسة .. فهاجروا ، و تركُوا المدينة لنا .
المُترسِّب بقعرِ كأسِ الشاي الذِّي ينغّصُ غالباً الرشفةَ الأخيرة ، الحصى الصغيرةُ بالقضمةِ الأولى من قطعةِ الخُبز بإفطارِك التِّي تُفسِدُ يومَكَ بأكمِله .هذا شيء يشبُه الحديثَ عن الرحيل والغياب .. عن الغائبين والراحلين ، .. ذاكَ الحديثُ الذي مع احترامي لنُسختي البالية يفسدُ الحقيقةَ ويجعلُ منها فتاةً مُدلّلة لا تصلحُ لشيء .
الغياب والرحيل .. سلوى و أمل لن يتسنى لكُم تجريبه . اسألُوا عنه تِلك الأم التي قضَت عقدين من الزمن تشتاقُ لطفلِها الذي اختطفَه زوجَها وهاجر ، طفلها الذي افترضَت أنَّه طبيبٌ منغمسٌ إلى رأسِه في الأعمالِ الخيرية ولا يتركُ المسجِد إلا مُشتاقاً إليه . وهُو مجرَّد مُدمن كُحولٍ يبيتُ كل ليلة أمامَ منزِله عائماً في قذارتِه .

-

تفكيرنا في المستقبل يعني أنَّ علينا التهيّؤ للمكاشفةِ الكُبرى ، للطّعنةِ التِّي لا تستغفل . المستقبل : المرأةُ التِّي عاشَت عمياء في رضى تامّ ، و لَم يُعربِدُ الغُبن في قلبِها إلّا يومَ أنجَبت طفلها الأوّل .. الذي لن تراهُ أبداً .
ما الذي يمكنه أن يكونَ أكثرَ إراحةً من التفكير - الاستغراق في التفكير - في القرونِ الماضية .. الماضي : الطِّفلُ في قلبِ امرأةٍ استأصلُوا رحمِها ، الطفلُ الجميلُ النظيفُ الذي يذهبُ للمدرسةِ و يعودُ ويسمعُ الكلام و يكبرُ بدون أن يسبب الـ متاعِب و يشيخُ معَك و يروي تربةَ قبركِ يومياً ويستمرُّ في الدُّعاءِ لك وتدخلُ معهُ الجنَّة . ذلِك الماضي هُو البارُّ الوحيد ، ذلكَ أنَّنا لن نعيشَه أبداً .
ثم بعدَ كلّ هذا نشعرُ بألا رغبةَ لدينا في أن نشرح أنفسنا ، في أن ندخلَ حواراتٍ طويلة لأجل أشياء نؤمن بها ، في أن نزوِّدهم بخرائِط أبجديّتِنا التّائهة .
أن نشرَح أنفسُنا بعدَ كلِّ الضبابِ الذي اجتازُوه .. هذا يشبُه وجهِ بائعٍ تفحَّص بضاعَته طيلةَ النَّهار ألفُ زبونٍ ثمّ حلَّ عليهِ المساءُ دونَ أن يبيعَ من شيئاً وفي المنِزل تنتظرُه عشرةُ أفواهٍ وبطونٍ وعيونٍ جائعة .
.
.
أثتّوا المنزل بالعديدِ من الأبواب ثم تذمّروا من تركنا إيّاهم وراءَها كلما طرقوا يستأذنون - مُرغمين - في الدُّخول .
كنا صغاراً ، لم يكن مسموحاً لنا الخروج للعب بالشارع ، سمعنا طويلاً بأن الخروج سليمينَ من غابةٍ مليئة بالوحوش أضمنُ من الخروج من غابةٍ مليئة بالبشر ، فارتبَط لدينا الشارع بالأماكِن المكتظَّة بالبشر .. وتعامَلنا معَ كلِّ من نهابُ فتكَه بنا على أنَّه مُجرَّد .. حيوان . و لنفسِ التبريرِ ، كان العالم يتزاوَر في الأعياد و كُنا نحنُ نقفل علينا أبوابَ بيوتِنا ، فـ الأماكِن التي تتجمّع فيها الأرحام كانت بدورها مُجرّد شارِع بسقفٍ و صالةٍ بفرقٍ بسيط أنهم هُناك يقدمون الشاي و الحلوى والدفء .. بهدف الاستدراج .
داخِل المنزل مارسنا كلّ حماقاتِنا وجرائمنا ..
و تِلك اللعبة اللعينة ..
نعصبُ عيني أحدِ إخوتِنا و نضعُه في خطّ البداية ، ثم على رجلٍ واحدة عليهِ أن يصل للنِّهاية .. قافزاً على قطعِ البلاطِ في الأرض ، بحيث على الرجل أن توضع بقلب البلاط ، و إذا ما داست أحد الحواف أو الخطوط فإننا نصيح : ليمونة .
كنا نُخفي متعتنا وأذننا تلتقطُ أكبر عددٍ من " ليمونة " حينَ يحينُ دورنا في اجتيازِ المسافة . لم يكُن مذاقُ الدّوس على الخطُوط لاذعاً إطلاقاً في ذلك العُمر . اليوم حين جرَّبناه بتنا نتلافاهُ ما استطعنا لكنَّ ذلك لم يجدِ أبداً ، إذ أنَّنا لم نعُد في حاجةٍ إلى افتعالِ القفزِ على الحوّاف كي نسمَع " ليمونة " . فقد كبرت مقاساتُ أرجلِنا بما يكفي ودونَ أن ننتبِه .. لئلّا تستوعبُها مربَّعاتُ بلاطِ بيتِنا القديم .
-
.
.
كُنا جادين بطريقةٍ مرعبةٍ حين فكرنا لأول مرة في إمكانية النوم بأعينٍ مفتوحة ، كانَ من غير المُجدي أن نظلّ طيلةَ النَّهارِ حريصينَ ، لا نُحدِّثُ الغرباءَ ، نطردُ الذبابَ كلّما حطَّ على أيدينا ، نتناوَل الحساءَ بيَقظة لئلا ندلقَ بعضاً منه سهواً على ملابسنا ، ثم ليلاً - ببساطةٍ قاتلة - نغمض أعيننا و ننام .
كان أبشع تعذيب صادفنا ، النوم . يرغمونَك على النوم و يرغمونك على الاستيقاظ . فتشكلت في أذهاننا فكرة مُجحفةٌ عنه ، أصبَح في رأينا كالدّواء المُرّ الذي نتحيّن فرصةَ انشغالِهم عنا لنسكبَه بحوضِ المطبخ ، ثم نقنِعهم فيما بعد أننا أخذناه ، تماماً حسبَ الوصفةِ التي أملاها الطَّبيب . ثم فيما بعد .. حين ننتكس ، تُفضح كلّ خططنا السّرية .
في ذلك العُمر من النكبة ، كان من الجيِّد أنَّ النومَ لا يباعُ في كبسولاتٍ بالصيدلياتِ ، في هذا العُمر منها .. بتنا نستشعرُ مدى سوء عدم حصولِ الشيء نفسه .
احتفظنا بفكرتنا المُشوهة عن النوم ، كانتِ الكوابيس تتزاورُ أسرّتنا باستمرار ، ثم حينَ أفرَطت في كرمِها حدّ أن باتت تجلبُ معها كوابيسَ الغدِ و الأعمارِ الآتية ، تنازَلنا لها راغمينَ عن أسرَّتِنا ، و آثرنا ركنَ رؤوسِنا في رفِّ رغباتِنا المُؤجّلة ، تعبتْ رؤوسنا و كانت تلك نتيجةً حتمية ، فمضْت تهتزّ فوق أكتافنا ،لكن ذلك لم يصبّ في مصلحتِنا كما افترضنا ، فالأغبياءُ الذين أولّوا هزَّات رؤوسِنا تلك على أنَّها إشارةُ موافقة على كلّ حماقة سيرتكبُونها في حقّنا الآن أو لاحقاً .. كانُوا كثر للغاية . كلّ هذا لم يكُن يمنعهم أن ينامُوا . في ليالي أرقِنا الطويلة ، احتجناهم لكنّهم استمرُّوا في النَّوم . تعلّمنا - بدافِع الحاجة - كيفَ نحرِمُهم النوم من أجلِ أنْ يبقُوا إلى جانِبنا . فيما بعد استغنينا عنْهم لكنّنا استمررنا في إيقاظِهم بإلحاحٍ كلّ ليلةٍ لا من أجلِ أن يبقُوا إلى جانبنا بل لكيْ لا يجدُوا وقتاً يرونَنا فيه بأحلامِهم ، فيؤوّلونها حالما يستيقظُون على أنَّها مصائبُ أخفيناها عنهم ، فنعاقَبَ بالتّالي على أشياء لا نقترفُها سوى في أحلام الآخرين .

.
.
أمامَ تلّ من حبَّاتِ القمح ، لن تحمِل النَّملة واحدة .. بل ستذهبُ إلى جُحرها لتجلُبَ بقية قومِها . و أمامَ ذاكَ التلِّ من الفجائِع هلعُوا إلينا ليستدينُوا ظهرنا . وقد كانَ من المُؤسف أن يختزلُوا فينا بقيّة قومِهم دون انتظار رأيٍ منّا .
لم يقع علينا الاختيار للقيام بأي دورٍ في تمثيلياتِهم الكثيرة ، لم يكُن لنا دور هامشي لأنّه في الأصلِ لم يأخذوا يوماً وجودنا على محمل الجدّ . فاخترنا أن ننصبَ مسرحَنا في قلبِ قلبِ اللعنة ، و بدأنا عروض الستاند آب كوميدي . لاءم الدّور مقاسَ فضيحتِنا ، يجلسون و تقفُ وحدَك ، يضحكُون و تبكي وحدك حتَّى حينَ تخرجُ عن السياق أو تنسَى لا ينتبه أحد غيرك ويظلُّون مشدوهين إليك في انتظارِ المزيد من المُتعة . ثم في اللحظةِ الأخيرةِ قبل أن ننحني - كما أمَلت علينا أعرافُ الدّور - راعَهُم منظرُ سهامِهم التِّي لازِلنا نحتفظُ بها ، كانتِ المرَّة الأولى التِّي يدركُون فيها حجَمْ وفائِنا لما استأمنُوه ظهورنا ، و كانتِ المرّة الأولى التِّي ندركِ فيها حجمَ كرمِهم إذْ استمرُّوا في التصفيقِ و لم يطالبُونا بإرجاعِ السِّهام .
تِلك الحياةُ التِّي توهَّمنا .. لم تكُن حياةً إذن . فقط عَدوُنا السَّريع باتِّجاهِ نهاياتِ الأشياءِ وحدَه من زرعَ فينا بحرصٍ بأنَّ ما نُشاهِده أمام أعيننا حياةٌ .. دفء و كثيرُ ألوان . لقد كانت خِدعةً فحسب ، مجموعة من تماثيلِ الشَّمعِ رُتِّبت بعنايةٍ أمامَنا ، عَدونا بسرعةٍ فخُيِّل لنا من سُرعتِنا أنَّها تسعى .
.
.
كل الأشياء حينَ تقدم تشيخ ، تتفتت هالَة الخوفُ التي كانت تسلطها على الصغار ، الصغار الذين يتحولون من متكومين بالعليّة خشية العقاب ، إلى عفاريت صغيرة ، تغتنم فرصَة انهماك الشيوخ في حشر أرجلِهم بأحذيتهم ليجروا عكاكيزهم و يشرعُوا في القهقهة عالياً في تحدّي كالشياطين .
كل الأشياء حين تقدم تشيخ .. الأسلاكُ الشائكة تغدُو شيئاً شبيهاً بخيطٍ رديء الجودَة يتسلَّى الصغارُ باجتيازِه ،
الأخشابُ التِّي كانَوا يعاقبون بها المُتهاونين من التلاميذ يتسلّقها اليباس ..
والحُصونُ تدّك وتتحوَّل لمُجرّدِ معلَمة تلتقطُ بجانبِ بقاياها الصُّور التذكارية .
باستثناء الألغام ،
كنتُ لغماً . و الألغامُ لا يتآلفُ معها البشرْ ،
تزرعُ دائماً على الأرضِ الخطأ .. أرضِ الأعداء . أعداءِ من ؟ لا يهم ، ما يهمّ أنَّها تفتقدُ إلى الوطن ورُغم ذلك لا تحنُّ أبداً إليه .. هي فقط تعيشُ على أمل أن تنفجِر يوماً ما وتؤدي مهمتها وتستريح ، ثم لا تنجَحُ العقودُ التِّي تقضيها فيها مطمورةً تحتَ الأرض في ترويضِها لتسمَح للبقية باجتيازِها . حينَ يفعلون ، فإنَّهم نادراً ما ينجُون من محاولةِ العبورِ تِلك بأطراف كاملة . الألغام .. خرائط الألغام ، وبقيّة المرارة التي تُشبهني لا تشيخ .. مليئة بالدَّمارِ .. وحكاياتِ الفجيعة الأولى .

.
بعدَ : في مكانٍ ما من هذا العالم تحديداً أثناء هذه اللحظة التي ستنتهي قبل أن أتمم هذا السَّطر . ثمة شخص يؤدِّي دورَه الصَّغير جداً من مسرحيةٍ ما وفي قلبِه أفراحُ الأرض تُعربد .. لأنَّه أخيراً وقفَ أمامَ الجُمهور كما تمنَّى قديماً .
آخرُ يلبسُ معطفاً فيشعرُ بالدفء .
آخرُ يبكي من أجلِهم ، رغمَ أنَّهم لم يحصل أن سألُوه عن اسمه ، عمَّا إذا كانَ قد نامَ بالأمسِ جيداً ، عنِ صدرِه حينَ يخذلهُ كيف نتصرَّفُ مع كلّ هذا الهواء ، وعن قصيدة الدِّمع أمازَالت موزونةً كآخرِ العهدِ بها أم أنَّها صارَت ككلّ الهُراءِ ينقصُها المعنى .. والشِّعر .
آخرُ يصوِّب فوّهة مسدسّه برأس من أفسَد حياتِه وجعلَ منها جحيماً لا يطاق ، وفي نفسِ الثانيةِ التي يضغطُ فيها على الزِّناد يرفع المسدس ليطلقَ رصاصَته في الهواء ويقرّر أن يغفَر .
آخرُ يمزّقُ جوازَ سفره ، يحرقه ويُشعل سيجارةً منه قبيلَ أن يتحوَّل- بعشر ثوانٍ - إلى رماد .
آخر يتناوَل كوباً من الماءِ وفورَ أن يشربَه - بما يُشبه التعويذة - يتخلَّص من العطش .
آخرُ يرتمي بصدرِ أمِّه يشمّ رائحة عرقها وينامُ في سكينةٍ وكأنَّه ليسَ الأحمقَ الذي كانَ قبل قليلٍ يحاوِل الانتحار .
أخرى تقفُ على المنصَّة ، تُغمضُ عينيها ، تتفقّد مكانَ مكبِّر الصَّوت ثم تشرعُ في الغناءِ بكلماتٍ غير مفهومة بما يُشبه الهذيان ، يبحُّ صوتها وتستمرُّ في الغناء ، يصّفقون فتعلُو نبرةُ الخذلانِ في حرفِ الشين كلَّما نطقَت به وتستمرُّ في الغناء ، ثمَّ فجأة تركضُ دونَ توقَّف ، دون أن يعرف أحد - ولا هيَ - إلى أين .. وتستمرُّ في الغناء .
وفي مكانٍ ما من هذا العالم تحديداً أثناء هذه اللحظة التي ستنتهي قبل أن أتمم هذا السَّطر .. أنا .. التي لم أنجَح لحدِّ الساعة في القيام بأيٍّ مما قامُوا به .

-

الآن : هذه الغصّة ، نتمسَّكُ بها كنبوءة .. لقد كانـت الشيء الوحيدَ الذي منحونا حُرية التصرف فيه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://halliche123.forum.st
chentouf
عضو برونزي
عضو برونزي
chentouf


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4309
تاريخ التسجيل : 07/02/2010
الموقع : تغنيف (معسكر) الجزائر

المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .    المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .  Emptyالأربعاء 3 نوفمبر 2010 - 23:59

بارك الله فيك على الموضوع الرائع والمميز
ماشاء الله عليك موضوع مميز و معلومات قيمة
اتمنى ان لايقف هذا القطار السريع من الحماس والتألق والحيويه والإبداع

المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .  1277154812



المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .  1247067916

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المُتاح .. تِلك الفكرة البائسة .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ستار تايمز 5 :: أدب وشعر :: الخواطر والقصيدة الحرة-
انتقل الى: