السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور والحمد لله الذي له ما في السماوات والأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمد عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أن الله ربكم وحده له الخلق وأنه وحده له الأمر و الحكم كما قال الله عز وجل:﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف :54 ] وقال الله تعالى:﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [ القصص : 88] فلا خالق إلا الله ولا مدبر لشئون العالم العلوي والسفلي إلا الله ولا حاكم على الخلق ولا بين الخلق عند الاختلاف إلا الله قال الله عز وجل: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾[الشورى: 10] وقال الله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [ النساء : 59 ] فإذا كان الله هو الخالق وهو المدبر للخلق وهو الحاكم وحده فهو الذي يوجب الشيء ويحرمه وهو الذي يندب إليه ويحلله إما في كتابه العظيم أو على لسان رسوله النبي الكريم حتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال عن نفسه حين أكل الصحابة رضي الله عنهم من الثوم عام خيبر وكانوا جياعا ثم راحوا إلى المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد فقال الناس حرمت وكأنهم والله أعلم أخذوا التحريم من وصف النبي صلى الله عليه وسلم للثوم بأنه خبيث قالوا حرمت فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( يا أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي ولكنها شجرة أكره ريحها )(1) فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشرع الله يقول إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي ولكنها شجرة اكره ريحها فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك أن يحرم ما أحل الله له فكيف بغيره إذا" فالحكم لمن الحكم لله العلي الكبير ولقد أنكر الله على الذين يحللون ويحرمون بأهوائهم فقال الله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ * وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [يونس: 59-60] وقال جل ذكره: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُون * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النحل:116-117] وأنكر الله عز وجل على قوم اتخذوا من دون الله شركاء في التشريع فقال تعالى:﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى:21] أيها المسلمون أيها المؤمنون بالله ورسوله إن التحليل إلى الله وإن التحريم إلى الله وإن الإيجاب إلى الله وإن الندب إلى الله وإن الحكم الشرعي كالحكم الكوني كل ذلك إلى الله وإن من أكبر الجنايات أن يقول الشخص عن شيء إنه حلال وهو لا يدري عن حكم الله فيه أو يقول عن الشيء إنه حرام وهو لا يدري أن الله حرمه أو يقول عن الشيء إنه واجب وهو لا يدري أن الله أوجبه أو يقول عن الشيء إنه ليس بواجب وهو لا يدري عن حكم الله فيه إن هذا لجناية كبيرة إنه والله لجناية كبيرة وإنه لسوء أدب مع الله عز وجل إن الله تعالى يقول:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعُ عِلِيم ﴾ [ الحجرات : 1 ] كيف تعلم أيها المسكين أن الأمر كله لله وأن الحكم إلى الله ثم تقدم بين يديه فتقول في دينه وشريعته ما لا تعلم أنه من دينه وشريعته إن الله تعالى قرن القول عليه بلا علم قرنه بالشرك فقال تعالى:﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:33 ] لقد قال ابن القيم رحمه الله إن القول على الله بلا علم أعظم من الشرك به لأن القول على الله بلا علم يتضمن القدح في شريعته والقدح في حكمته ويتضمن التشريع من دونه ويتضمن إضلال عباده بهذا القول ولهذا كان أعظم ضررا من الإشراك بالله فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله ولا تقولوا على الله ما لا تعلمون إن القول على الله بلا علم إنه جناية في حق الله وجناية في حق رسول الله وقدح في دين الله وإضلال لعباد الله فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله اتقوا الله لقد كان السلف الصالح يتدافعون الفتيا حتى تصل إلى من لا يمكنه أن يتعذر عنها أيها الناس إن بعض العامة يفتي نفسه أو يفتي غيره بما لا يعلم أنه من شريعة الله يقول هذا حلال أو هذا حرام أو هذا واجب وهو لا يدري عن ذلك أفلا يعلم هذا أن الله تعالى سائله عن ما قال يوم القيامة أفلا يعلم أنه إذا أضل شخصا فقد باء بإثمه وإثم من أتبعه على ذلك إلى يوم القيامة إن الفتيا بلا علم حرام وإذا كانت لم توافق الحق فإن إثم من خالف الحق بهذه الفتيا يكون على من أفتى بها حيا وميتا ويكون كل من اتبع هذه الفتيا الضالة يكون متعلقا بهذا وقد باء بإثمه وإن بعض العامة إذا رأى شخصا يريد أن يستفتي عالما يقول له هذا العامي لا حاجة أن تستفتي هذا واضح هذا حرام مع أنه في الشرع حلال فيحرمه مما أحل الله له أو يقول هذا واجب مع إنه في الشرع غير واجب فيلزمه بما لم يلزمه الله به أو يقول هذا حلال مع أنه في الشرع حرام فيوقعه في ما حرم الله عليه أو يقول هذا غير واجب مع أنه في الشرع واجب فيحرمه من فعل ما أوجب الله عليه إن هذا جناية عظيمة إنه خيانة لأخيه حيث غره بدون علم أرأيتم لو أن أحدا سألك عن طريق مكة من أين يذهب إليها فذكرت له طريقا وأنت لا تعلم أنه يوصل إلى مكة أفلا يعد الناس ذلك خيانة وتغريرا هذا مع أن واضع الطريق إلى مكة هم البشر والوصول إلى البلد قد يكون من متاع الدنيا فكيف بمن تكلم بما لا يعلم في شريعة الله التي شرعها الله لعباده والتي أراد الله من عباده أن يتوصلوا بها إلى رضوانه ودار كرامته هذه مصيبة أن يفتي الإنسان بلا علم أو أن يمنع غيره من الاستفتاء وهناك مصيبة أخرى قد لا تقل عنها مصيبة الا وهي أن بعض العامة ينقلون عن بعض أهل العلم كلاما أو فتوى نعلم أن هؤلاء الذين نقلت عنهم الفتوى لا يقولون بها ولا يفتون بها ولكن هؤلاء الناقلين وهموا في النقل إما لكونهم فهموا كلام العالم على غير مراده أم أنهم أسآوا التعبير في السؤال فأجابهم العالم بحسب ما فهم من سؤالهم فحصل الخطأ وربما يكون لبعض هؤلاء العامة ربما يكون لهم قصد سيئ في ما نقله عن العالم أما أن له هوى في فعل هذا الشيء فينسبه إلى العالم ليسهل على الناس فعله و إما أنه يريد تشويه سمعة العالم والتنفير منه لأنه أفتى بفتوى لا توافق هواه أو قال قولا لم يعرفه من قبل وهذا من أعظم الجنايات على الخلق لأن التنفير عن أهل العلم الموثوق بهم ليس تنفير عن أشخاصهم ولكنه تنفير مما حملوه من شريعة الله عز وجل فليحذر الإنسان من التقول على أهل العلم وليتحر الدقة والصحة في ما ينقله عنهم وإذا سمع الإنسان عن عالم من العلماء قولا يستنكره فإن عليه أن يتصل بهذا العالم الذي نقل عنه القول حتى تبين له الأمر وهناك طامة ثالثة تقع من بعض المتعلمين الذين لم يبلغوا من العلم غاية يتأهلون للفتيا بها فمنهم من يقع في ما يقع فيه بعض العامة من الجرأة على شريعة الله عز وجل في التحليل والتحريم والإيجاب فيتكلم في ما يجهل ويجمل في الشريعة ويفصل وليس معه من العلم إلا كفقير بيده دريهمات إذا سمعت الواحد منهم يتكلم فكأنما ينزل عليه الوحي لجزمه في ما يقول ومجادلته في ما يخالف المنقول والمعقول ولقد سأني وأدهشني ما نقله لي ثقة عن شخص كان يجادله في إمام صلى الظهر خمسا والمأموم يعلم أنه قد زاد في صلاته فقال هذا المجادل إنه يجب على المأموم أن يتابع الإمام في الزيادة ولو كان المأموم يعلم أنه قام إلى خامسة يقول أنه يجب على المأموم أن يتابع الإمام في الزيادة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن ما جعل الإمام ليؤتم به ) وعلى هذه القاعدة الباطلة الفاسدة لو أن الإمام صلى عشر ركعات الظهر لوجب على المأموم أن يصلى عشر ركعات بناءا على قول هذا المجادل الذي يجادل بغير علم فتأمل يا أخي تأمل خطأ هذا المجادل في الحكم والفهم وتأمل أنه كذب على الرسول عليه الصلاة والسلام في فهم كلامه على غير ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم والله إن هذا لهو الجهل المركب بل مركب المركب جهل في الحكم وجهل في الفهم وجهل بأدلة الشريعة الأخرى أفلا يعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين وبين معنى قوله ( إن ما جعل الإمام ليؤتم به بينه صلوات الله وسلامه عليه بقوله فإذا كبر فكبروا) إلى أن قال ( وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون ) والفاء في قوله صلى الله عليه وسلم (فإذا كبر فكبروا ) الفاء هنا للتفريع فما بعدها تفريع على ما قبلها وتفسير له هذا هو المراد (بقول النبي صلى الله عليه وسلم إن ما جعل الإمام ليؤتم به)(2) فسره هو بنفسه صلوات الله وسلامه عليه وقد بلغ البلاغ المبين وليس المراد به ما قاله هذا الجاهل المركب المجادل لأن هذا أعني زيادة ركعة في رباعية أو في ثلاثية أو في ثنائية عمل ليس عليه أمر الله ورسوله وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فهل من صلى الظهر خمسا يكون قد عمل عملا عليه أمر الله ورسوله ؟ أو عمل عملا ليس عليه أمر الله ورسوله ؟ إن الجواب هو الثاني قطعا وإذا كان كذلك فإن من زاد في صلاته متعمدا فصلاته باطلة مردودة عليه بمقتضى هذا الحديث العظيم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )(3) وإذا كانت باطلة فإنه لا يجوز للمأموم أن يتابع الإمام في ركعة تبطل صلاته ولكن هل إذا قام الإمام إلى الخامسة في الظهر ونبهناه ولكنه لم يرجع هل نفارقه أو نجلس ونقرأ التشهد وننتظره حتى يصل ونسلم معه ؟ لو كنا نعلم أنه زادها عمدا فإنه تجب علينا مفارقته ولئن اتبعناه في هذه الحال لبطلت صلاتنا ولكن ربما يكون هذا الإمام قد نسي أن يقرأ الفاتحة في إحدى الركعات فقام إلى الخامسة بدلا عن الركعة التي ترك منها قراءة الفاتحة ولهذا نقول إن الاحتياط للمأموم أن يجلس لينتظر إمامه حتى يتشهد ويسلم ثم يسلم بعده أيها المسلمون اتقوا الله عباد الله والله إن القول على الله بلا علم إنه لجناية عظيمة إن الفتوى ليست متجرا تباع في الأسواق يكسبها الإنسان فيربح إنها مسئولية عظيمة ولولا أن أهل العلم يخافون من كتمان العلم أو أن يرجع الناس إلي جهالة يضلونهم لما أفتوا لأن الفتوى عظيمة مسؤولية وتحمل نسأل الله أن يوفقنا جميعا للصواب عقيدة وقولا وعملا احذروا عباد الله أن تقولوا على الله ما لا تعلمون فإن الله تعالى يقول في نبيه وهو والله اتقى الأمة لله وأعلمهم بشريعة الله يقول عز وجل:﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِين * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾[الحاقة:44-47] والوتين عرق متى قطع هلك الإنسان فإذا كان هذا قول الله عز وجل في رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فما بلك بمن دونه فيا عباد الله اتقوا الله عز وجل واعلموا أنه من العقل والدين والعلم أن يقول الإنسان لا أعلم إذا سئل عن شيء لا يعلمه وإن هذا القول لا ينقصه شيئا بل يقربه إلى ربه ويزيده إيمانا وعلما وثوابا وثقة عند الناس لأن إذا رأوه إذا كان لا يعلم يقول لا أعلم وإذا كان يعلم أفتاهم بما يعلم وثقوا به وعلموا أنه صادق ولكن إذا كان إذا سئل عن مسألة معضلة يعجز عنها مثل شيخ الإسلام ابن تيميه ذهب يقول فيها يجمل ويفصل ويحقق ويدقق على زعمه وهو من اجهل عباد الله بها أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم للهدي والصلاح اللهم اجعلنا من أئمة الهدى والصلاح وقادة هدي وإصلاح وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن إنك صاحب الفضل والمنن والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد
فيا عباد الله اتقوا الله تعالى ولا تكتموا العلم الذي علمكم الله فإن الله تعالى يقول في كتابه ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [ آل عمران : 187 ] ولكن هؤلاء الذين أوتوا الكتاب الذين أوتوا العلم الذين علموا من شريعة الله ما يؤهلهم لأن يكونوا من أهل الفتوى ولا يعُنى بذلك من كانوا على جانب يسير في ابتداء الطلب لأن هؤلاء ربما يفتون اليوم بما يظنونه صوابا وفي الغد يرون أنهم مخطئون فتكون فتواهم قد طارت في الآفاق فلا يمكنهم ردها أيها الإخوة إننا تعرضنا للإمام إذا قام إلى خامسة في الظهر ونبه على ذلك ولكنه استمر وإني أقول إن بعض الأئمة يظنون أن الإنسان إذا قام إلى زائدة في صلاته إما ثالثة في الفجر أو رابعة في المغرب أو خامسة في الرباعية يظنون أنه إذا قام لا يرجع بناءً على أن الإمام إذا قام عن التشهد الأول فإنه لا يرجع ولكن هذا قياس مع الفارق يدل على أن الإنسان لا علم عنده بذلك والإنسان إذا قام إلى زائدة فإنه إذا ذكر أو ذكّر يجب عليه أن يرجع فإذا استمر في الزيادة وهو يعلم ذلك بطلت صلاته وعلى هذا فإذا نبه الإمام بعد قيامه إلى زائدة وجب عليه أن يرجع حتى ولو قرأ الفاتحة حتى ولو ركع ورفع من الركوع وذكر فإنه يجب عليه أن يرجع لأنه لا يجوز الاستمرار في الزيادة فإن هذا من تعدي حدود الله وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [ البقرة : 229 ] بعض الأئمة أيضا إذا قام من السجدة الأولى إلى الركعة التي تليها ونبهوه ليرجع فإنه يستمر يظن انه إذا قام عن السجدة والجلوس بين السجدتين فكأنما قام عن التشهد الأول فيمضي ولا يرجع وهذا غلط فادح بل يجب عليه أن يرجع لأنه ترك ركنا بخلاف من قام عن التشهد الأول فإنه ترك واجبا لا ركنا وعلى هذا فإذا قام الإمام من السجدة الأولى إلى الركعة التي تليها وجب على المأمومين أن يسبحوا به ووجب عليه أن يرجع فإن استمر فإن صلاته تبطل لأنه ترك ركنا متعمدا فإذا رجع فإنه يجلس بين السجدتين ثم يسجد السجدة الثانية ثم يكمل صلاته ويسجد للسهو بعد السلام من أجل الزيادة آلتي زادها وسجود السهو إذا كان عن زيادة فإنه يكون بعد السلام كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أما إذا كان عن نقص كالتشهد الأول إذا قام الإمام عن التشهد الأول واستتم قائما فإنه لا يرجع ولو نبهوه وعلى المأمومين أن يتابعوه في هذه الحالة لأن ذلك وقع للنبي صلى الله عليه وسلم حين قام عن التشهد الأول ولم يجلس فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه سجد سجدتين وسلم فالسجود عن نقص يكون قبل السلام و أما عن الزيادة فإنه يكون بعد السلام هكذا جاءت السنة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإنني بهذه المناسبة أخص الأئمة خصوصا على تعلم أحكام سجود السهو وأحكام الإمامة وكل ما يتعلق بالصلاة لأنهم أئمة يصلون لأنفسهم ويصلون لغيرهم ولأنهم قدوة يقتدي بهم الناس فعليهم أن يتعلموا حتى يعملوا ويعبدوا الله على بصيرة واعلموا أيها الإخوة أن المسئولية بحسب ما يقوم به الإنسان من العمل قد نلزم هذا أن يتعلم أحكاما لا يجب تعلمها على الآخر لو كان عند الإنسان مال زكوي فإنه يجب عليه أن يتعلم من أحكام الزكاة ما يتعلق بهذا المال ولكنه لا يجب على شخص ليس عنده هذا المال فمثلا صاحب التجارة يجب عليه أن يتعلم من زكاة عروض التجارة ما لا يجب على صاحب الماشية وصاحب الماشية يجب عليه أن يتعلم من أحكام الزكاة زكاة الماشية ما لا يجب على صاحب العروض لأن كل إنسان يلزمه من العلم والتعلم ما يتعلق بعبادته اللهم إنا نسألك علما نافعا وعملا صالحا متقبلا ورزق طيبا واسعا تغنينا به عن خلقك ولا تفتنا فيه يا رب العالمين واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فإن يد الله علي الجماعة ومن شذ شذ في النار وأكثروا أيها الإخوة أكثروا من الصلاة السلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي دلكم على كل خير وأمركم به وحثكم عليه وبين لكم كل شر وحذركم منه أكثروا من الصلاة السلام عليه فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم اجعلنا من أتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم على سرر متقابلين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارض عن خلفائه الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى أفضل أتباع المرسلين اللهم ارض عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارض عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق اللهم انصرهم على عدوهم اللهم من أراد بالمسلمين سوءا فاجعل كيده في نحره وشتت شمله وفرق جمعه واهزم جنده وأزقه الذل بعد العز والضعف بعد القوة يا رب العالمين ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
----------------------
(1) أخرجه الإمام رحمه الله تعالى في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ( 877 ) والإمام أحمد رحمه الله تعالى ( 10662 ) وأبو داود رحمة الله تعالى ( 3327 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه.
(2) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الأذان ( 692 ) والإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الصلاة ( 511 ) وأبو داود في سننه رحمه الله تعالى واللفظ له في كتاب الصلاة ( 511 ) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(3) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الأقضية ( 3243 ) والإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده ( 3975 ) من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهما. واللفظ لهما ت ط ع.
المصدر
http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_121.shtml