ما يحدث اليوم في ساحات المسجد الأقصى وحرمه ومدينة القدس على وجه العموم لا يمكن السكوت عليه بأي حال، ها هي القبلة الأولى للمسلمين يدنسها الصهاينة ويطرد منها المسلمون المؤمنون والمصلون، ويدخل إليها الأنجاس واليهود المتطرفون لإقامة شعائر دينهم الباطل وعقيدتهم المنحرفة في الأرض المباركة ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف تمر هذه الحوادث والمسلمون ما زالوا يتفرجون؟!
بالأمس يستولي الصهاينة على الحرم الإبراهيمي ثم مسجد بلال ويقومون بتخريب المساجد ومنع ذكر الله فيها وعيونهم تترقب ساعة الانقضاض على المسجد الذي تشد الرحال اليه من أقطار الدنيا والمرابطون العزل الذين يحمونه ليس لهم سلاح إلا التوكل على الله وذكره جل وعلا فأين أمة المليار ونصف المليار لا ترفع أصواتها - على الأقل - نصرة لإخوانها.
لم يعد الأمر سرا ما يخططه الصهاينة للمسجد الأقصى، فهذه البقعة المشرفة التي جمع الله فيها النبيين ليأتموا بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم يراد لها ان تكون موطنا لأمة ممسوخة، لم تتورع عن سب ربنا جل وعلا ولا عن عداوة وقتل الأنبياء والرسل، بل وصل كرههم وعداوتهم للملائكة عليهم السلام، ومخططهم الذي ينبني على قصة الهيكل المزعوم قد بدؤوا مراحله الأولى واقتربوا من مرحلة الهدم الذي يسبق البناء، فهل سنقف مكتوفي الأيدي حتى يحصل هذا الأمر؟!
قد يقول البعض أن القضية أكبر منا كأفراد في أمة الإسلام، ولكني أظن أن كل شخص يستطيع أن يدفع عن المسجد الأقصى ولو بكلمة أو دعوة صادقة أو دينار يخرجه من جيبه، ويكفي الهم أحيانا يشعر به المسلم تجاه قضية هي أهم القضايا في هذا الزمن، وربما يقع المسلمون جميعا في الحرج الشرعي بتخليهم عنها.
إن فعل الصهاينة اليوم في مساجد المسلمين في المدينة المقدسة وضمهم لها إلى تراثهم ليعد من أشد الظلم وأشنعه، قال تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها}.
وهؤلاء الأنجاس ما تجرؤوا إلى هذا المستوى من الظلم والعدوان على مقدسات المسلمين إلا عندما رأوا امامهم (سلطة) مدجنة لا (تهش) ولا (تنش) غاية همها البقاء على الكراسي وجمع الارصدة والظهور على الشاشات واللهث وراء الشهوات.
لقد استطاع الصهاينة من اليهود وأعوانهم الصليبيين أن يسكتوا العالم الإسلامي أجمع عندما حكموا على شعب غزة بأكمله بالسجن المؤبد والتجويع والتعذيب وسفك الدماء، كل ذلك لمجرد أنهم رفضوا الاحتلال ولم يعترفوا بشرعيته واختاروا سبيل المقاومة المشروعة دينا وقانونا، ولم يكتف الصهاينة بهذا بل جعلوا من يقوم بالسجن والحصار هم أقرب الناس للشعب المجاهد فالسجان اليوم عربي ومسلم !
بل تجرؤوا لأكثر من هذا ووصلوا إلى حد إصدار الفتاوى من مؤسساتنا الدينية تأييدا لحصارهم وتعذيبهم للمجاهدين في سبيل الله !!
إن المعركة أيها المسلمون اليوم لم تعد قاصرة على أرض فلسطين، بل اتسعت لتشمل كل بقعة على وجه الأرض، وهذا ليس منطق المسلمين وحدهم بل الصهاينة أنفسهم الذين يرسلون فرق الموت الإرهابية وعلى رأسها (الموساد) لتصفية المجاهدين في سبيل الله في كل مكان، وهذه نقلة خطيرة في طبيعة الصراع في هذه المعركة إذ بات كل صهيوني له علاقة بحكومة إسرائيل ومساند لها في اعتدائها على الأراضي الإسلامية المقدسة بات هدفا لكل مجاهد مؤمن على وجه الأرض، {أُذن للذين يقاتَلون بأنهم ظُلموا وان الله على نصرهم لقدير}
فهل دماء المؤمنين المجاهدين حلال ودماء الصهاينة الأنجاس حرام؟! {ما لكم كيف تحكمون}؟!
إن المجتمع الغربي اليوم في حيرة من أمره، فهو إما أن يستقيم مع مبادئه التي يزعمها في رفض الإرهاب بشتى صوره وبالتالي يجرم الصهاينة والإسرائيليين على جرائمهم ويفعل معهم على الأقل كما فعل مع أفغانستان والعراق والمجاهدين المسلمين الذين طاردهم في كل مكان وسفك دماءهم واستحل أموالهم، أو أنه سيدوس على هذه المبادئ من أجل عيون الابنة المدللة (إسرائيل) وسيكتفي بالطبطبة على ظهرها وإلقاء خطابات عتاب هنا وهناك أو عمل تمثيلية دولية في ملاحقة قضائية تعرف نهايتها سلفا.
إن الصف اليوم متميز، يهود صهاينة يساندهم مجتمع صليبي حاقد ويطبل لهم منافقون من جلدتنا تصدروا إعلامنا وتم استئجار بعض علماء السوء من أمتنا، وفي المقابل أمة الإسلام العظيمة التي وإن وهنت فسترجع إليها قوتها بلاشك، يقودها علماء ربانيون صادقون هم ولاة الأمر أن غاب الولاة، منهم السياسيون والمفكرون والعلماء والنجباء والمحللون والدعاة والمصلحون وغيرهم من سواد هذه الأمة، الرجال والنساء فهم يقفون صفا واحدا، هم جسد واحد ويد واحدة على من سواهم، وسيأتي اليوم الذي يعز الله فيه هذا الدين، ويذل الله فيه الكفر وأهله ويفضح النفاق وأهله.
نبيل بن علي العوضي