تتعالى كل يوم الصيحات بحقوق الإنسان ويتهم المسلمون بأنهم لا يحترمون حقوق الإنسان، وهذا افتراء على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الإسلام والمسلمين والبشرية جمعاء، من هنا وجب علينا الدفاع الإيجابي عن ديننا الحنيف بتوضيح حقائق الثابتة في مجال حقوق الكائنات الحية في الإسلام فقد جعل الإسلام للنبات حقوقاَ وللحيوان حقوقاَ وللإنسان حقوقاً وحتى الجمادات جعل الإسلام لها حقوقاَ وهذا ما سنوضحه بإذن الله تعالى ونبدأ بحق الجنين في الإسلام .
1ـ الحق في النسب الثابت الموثق:
فقد قرر الإسلام للجنين حقاً في الأصل الوحيد بأن شرع الزواج وجعله الطريق الوحيد للذرية والإبناء قال تعالى : " نساؤكم حرث لكم " فجعل الرحم مكان الزرع والنطفة هي البذرة " .
والشهود من شروط العقد في الإسلام فعندما يتزوج المسلم يشهد المسلمون على ذلك وهذا يحفظ حق الجنين في أبوين ثابتين معلومين موثقين.
كما جعل الإسلام إعلان الزواج من الفوارق بين النكاح والسفاح فالإعلان معناه معرفة الجميع بالزواج ومصدر الذرية والجنين.
كما شرع الإسلام العدة لبراءة الرحم وهذا يحفظ للجنين حقه في أصله فلا يضيع الجنين بين الأزواج كما يحدث إذا غابت العدة.
وحرم الإسلام الزنى تحريماً قاطعاَ على المؤمنين قال تعالى : " الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على ا لمؤمنين " النور (3) وأقر الإسلام إقامة الحد على الزاني وشهود المسلمين على ذلك قال تعالى : " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " النور(2).
من هنا يضمن الإسلام حق الجنين في الأصل والنسب الثابت.
وهذا الحق مفقود في المجتمعات التي تسمح بالصداقة بين الرجل والمرأة والزنى والمخادعة والحق في التجريب والحمل دون عقد زواج .
2ـ الحق في بيئة رحمية طاهرة :
فالرحم هو البيئة الأولى التي ينشأ فيها الجنين، وقد حمى الإسلام هذه البيئة واحاطها بسياج عظيم وميثاق غليظ بين الرجل والمرأة فلا يدخل إلى هذه البيئة إلا ما يزرعه الزوج ويغرسه بنفسه، وحرم الإسلام الزنى المؤدي إلى تلوث البيئة بالأمراض الجنسية وحمى الإسلام بيئة المرأة من المسكرات والمفترات والمخدرات والأطعمة الفاسدة " كلوا من طيبات ما رزقناكم وحرم الإسلام الميتة والدم ولحم الخنزير والطعام الحرام وكل هذا يضم للجنين بيئة رحمية نظيفة خالية من التلوث والمفسدات والمهلكات.
كما حرم الإسلام الإختلاط بين المرأة المسلمة والأجانب حفاظاَ لها ولفرجها وجسدها من مخالطة المرضى والفساق وفي هذا حماية للجنين وبيئته الرحمية الطاهرة.
3ـ الحق في الأصل الوراثي القوي
فالثابت علمياً أن الطفل يتكون من اندماج صبغيات (كروموزومات) المرأة وصبغيات الرجل وأن الصبغيات تحمل الجينات المتحكمة في الصفات الوراثية للجنين والمعلوم أن زواج الأباعد أصح من زواج الأقارب، قال صلى الله عليه وسلم :" اغتربوا ولا تضووا " رواه البخاري.
ومعنى الحديث ابتعدوا عن زواج الأقاربت تحسيناً لنسلكم .
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل أن ينظر إلى المرأة قبل الزواج منها وفي هذا ضمان للجنين أن أمه خالية من العيوب ومن الأصول الوراثية غير السوية التي يظهر أثرها على المرأة والرجل.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد صحابته أن ينظر إلى عيني مخطوبته لأن في أعين أهلها شيئاَ غير سوي وفي هذا حماية للجنين من الأمراض الوراثية.
4ـ الحق في عقيدة صحيحة:
حيث ينصح الإسلام الزوج والزوجة عند الزواج باختيار الزوج الصالح والبعد عن الزوج غير الصالح والمشرك قال تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " البقرة 221 وفي هذا ضمان للجنين قبل ميلاده في عقيدة صالحة ودين صحيح لا تفسده عقيدة الأم أو الأب الفاسدة.
5ـ الحق في دخول الجنة :
فالإسلام يحفظ للجنين حقه في دخول الجنة والبعد عن النار قال تعالى : " قوا أنفسكم وأهليكم ناراً " فالأب التقي صاحب الدين يربي ابنه على الدين ويبعد ذريته عن طريق الشيطان وفي هذا ضمان لجنين في بيئة أسرية مؤمنة صالحة وتنشئته اجتماعية مؤمنة.
6ـ الحق في المساواة مع باقي الأجنة :
فقد قرر الإسلام أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يهب الذكور وهو الذي يهب الإناث ومن هنا فالجنين الذكر من نعم الله وبأمره، والجنين الأنثى من نعم الله وبأمره وهذا المنحى يرفع عن الجنين مسؤولية نوعه ويساوي بين الجنين الذكر والجنين الأنثى وهذا حق في المساواة للأجنة .
6ـ حقه في حياة اجتماعية سوية :
لقد اخذت الشريعة الإسلامية بمبدأ التكافؤ بين الجنين اجتماعياَ وهذا ضمان للجنين عندما يولد في أسرة متجانسة اجتماعياَ بعيدة عن استعلاء احد الأطراف على الثاني، وتفضيل الأهل لعدم الكفاءة وهذا يقلل من الشقاق الاجتماعي والافصام الأسري ويقوي نسيج الأسرة الأجتماعي وبناءها النفسي وفي هذا حماية للجنين في حياة اجتماعية سوية.
7 ـ الحق في الحفاظ على حياته:
قررت الشريعة الإسلامية حق الجنين في الحفاظ على حياته فلا يجوز شرعاً قتل الجنين أو إسقاطه من غير سبب شرعي يقرره أهل العلم من الفقهاء والأطباء والأجتماعيين، وهذا الحق مكفول ولا تفرق الشريعة الإسلامية في شأن الأعتداء على حياة الجنين بين صدوره من الأم أو الأب أو غيرهما وتحرم الشريعة الإسلامية الجاني الميراث إذا كان الجنين هو المجني عليه للاستيلاء على ميراثه وفي هذا حماية لحق الجنين الضعيف في الحفاظ على حياته.
ويرى جمهور الفقهاء حرمة اسقاط الجنين وأنه لا ولاية أحد على اسقاطه لأن حق الحياة للجنين ملك لمانح الحياة ومقدرها لله سبحانه وتعالى ويؤيد ذلك الأطباء والمختصون في علم الأجنة لأن الجنين كائن حي من وقت النطفة واندماج الأمشاج ولهذا لا يجوز قتله أو الأعتداء عليه.
8 ـ حقه في حياة رحمية صحية :
أوجب الإسلام مسؤولية الأب والأم عن الجنين لأنه من رعيتهم وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، كما قرر الإسلام النفقة على الحامل وحمايتها اجتماعياَ وفي هذا حماية لحق الجنين في الغذاء والدفء والهدوء قال تعالى : " اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضارورهن لتضيقوا عليهن وأن كن أولات حمل فأنفقوا عليهمن حتى يضعن حملهن " الطلاق 6.
ومن هنا يلزم الزوج بدفع نفقة الحامل وقت تطليقها ويشمل هذا الغذاء والسكن والملبس والحماية الإجتماعية والنفسية والعلاج والدواء وفي هذا حماية للجنين من أمراض سوء التغذية والأنفعالات كما حمى الإسلام المرأة من العمل خارج المنزل إلا لضرورة شرعية.
9 ـ الحرص على مصلحته وما ينفعه :
حفاظاَ على مصلحة الجنين رخصت الشريعة الإسلامية للأم الحامل الافطار في رمضان (فقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحامل أ المرضع الصوم).
رواه الترمذي في أبواب الصوم.
10 ـ وقف العقوبة للحامل لصالحه :
تقضي الشريعة الإسلامية بتأجيل العقوبة على الزانية الحامل إلى حين وضع الحمل حيث قال صلى الله عليه وسلم للغامدية " اذهبي حتى تضعي حملك " وفي هذا حماية للجنين وعدم تحميله وزر أمه.
11 ـ حفظ حقوقه المالية :
حفظ الإسلام حق الجنين في الميراث إذا ولد حيا وقد ذكر الفقهاء أن الحمل من جملة الورثة فلابد من رعاية حقه وحفظ ميراثه حتى ينفصل فإذا انفصل حيا أخذه وتقسم التركة في الإسلام على أساس حجز أكبر نصيب ممكن لهذا الحمل أي يراعى الأصلح والأنفع له .كما تصح الوصية للجنين.
سبق إسلامي مشرف:
ما سبق أخوة الإسلام كان غيضا من فيض لحقوق الجنين في الإسلام تلك الحقوق التي لم تعرفها المدنية الحديثة إلا عام 1959 ميلادية عندما أعلنت حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي نصت على ضرورة أن يحظى الطفل وأمه بالعناية والحماية اللازمتين قبل وضعه.
وفي عام 1966 وافقت الأمم المتحدة على حماية خاصة قبل الوضع وبعده ومنح الحوامل إجازة بأجرة .