كل يوم تقوم رحلات لا تعد عبر المتوسطي بين منطقتي أوروبا وشمال أفريقيا. ففي الشهور الباردة يتحدى المسافرون صعوبة السفر من جنوب أوروبا إلى المناطق الأكثر دفئا في شمال أفريقيا ، أما في الشهور الدافئة فينطلق المسافرون من شمال أفريقيا ومناطق في الجنوب في طريقهم نحو أوروبا.
(منظمة حياة الطيور الدولية، مواقع ساخنة حول العالم لتواجد الطيور ، سلسلة الدليل الميداني، موقع ناتوريا دوت بير دوت أي جي)
وتعبر أسراب المسافرين من دون تذاكر أو أمتعة أو جوازات سفر الحوض المتوسطي مستعملة نظامها الملاحي الطبيعي الذي ظلت تتبعه منذ وقت طويل سبق شروع الأوروبيين والعرب والرومان والفينيقيين في مخر عباب البحار على متن سفنهم.
فما عسى يكون هؤلاء المسافرون الجُسر؟ إنها الطيور.
توفر المروج المغربية الساحلية موطنا للطيور المهاجرة مثل البط الرخامي وطيور الغراء ذوات الرأس الأحمر وطيور النورس ذات السيقان الصفراء، وطيور نورس أودوين المعرضة للانقراض. وتشكل الطيور الأصلية مثل بوم المستنقعات وشحرور الصحراء وناقر الخشب الذي اكتشفه ليفايان مصدر استهواء بالنسبة للعديد من مراقبي الطيور الأوروبيين والمغاربة على حد سواء.
وتعتبر حديقة إيشكول الوطنية التونسية التي صنفت موقعا حضاريا عالميا، نقطة عبور شعبية بالنسبة للطيور المائية. حيث يتوقف ما يناهز 90 ألف من البط والإوز واللقالق والنحامات الوردية وطيور أخرى في المنطقة للغذاء والتعشيش.
غير أن حياة الطيور في شمال أفريقيا لم تعد سهلة كما كانت عليه في الماضي. فاليوم تواجه الطيور المهاجرة والمقيمة معركة للحفاظ على بقائها في شمال أفريقيا لم تشهدها في ماضيها على الإطلاق.
وتستحوذ منطقة شمال أفريقيا على نسبة كبيرة من ما مجموعه 500 مليون طائر يقتلها الصيادون في حوض البحر الأبيض المتوسط. وفي المناطق القروية، يمثل الصيد نشاطا اجتماعيا واقتصاديا هاما ينطوي على عدد كبير من الأراضي والأشخاص.
ويعود السبب في حدة المشكلة إلى سوء التدبير في صيد الطيور. فمحدودية القوانين التنظيمية وضعف الصرامة في تطبيق القانون ومحدودية الموارد واختصاص المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية إضافة إلى الخلافات الإقليمية بشأن الطريقة المثلى لحماية الطيور تعيق بشكل كبير محاولات التدبير الصحيح.
وفي العديد من الحالات، لا يتبين للصيادين أن الإفراط في الصيد ينطوي على عواقب وخيمة على نمط حياتهم في المستقبل، أما المتخصصون في حماية حياة الطيور فلا يحققون تقدما يذكر في محاولة إقناعهم بالعزوف عن قتل عدد كبير من الطيور.
ويشكل الإفراط في الصيد جزءا من المشكلة. كما أن التلوث يمثل بدوره تهديدا خطيرا على حياة الطيور المهاجرة مثله مثل سوء تدبير الموارد المائية. فالمستنقعات ومصبات الأنهار-التي تعتبر مناطق متكاملة للتعشيش والتفريخ بالنسبة للطيور المهاجرة والمستوطنة على حد سواء- تجف حاليا بسبب تشييد السدود لتوليد الطاقة والسقي الزراعي