ببساطة هو علم وفن : فهو علم كبير يستند دارسه إلى عدد من العلوم الضرورية وهي علم الأدوية وفيزيولوجيا الجسم والتشريح ، والأمراض الداخلية والجراحية كافة.
وهو فن لأن التخدير يمكن أن يتم بطريقة احترافية عالية تضمن للمريض نوماً هادئاً وصحواً لطيفاً وتضمن استقرار الحالة العامة للجسم وبقاء كيميائه وعمل الأعضاء ضمن الشروط الفيزيولوجية الطبيعية، الأمر الذي يخفف جداً من الإختلاطات تحت العملية وبعدها.
الإنعاش هو مراقبة المريض بعد انتهاء العملية أثناء فترة الصحو من التخدير في غرفة مراقبة مجهزة للطواريء كافة، وهي فترة غير مستقرة دائماً لدى كل المرضى
من هو طبيب التخدير ؟
هو طبيب أتم دراسة الطب وقام بالتخصص في مجال علم التخدير والعناية المشددة الجراحية وعلاج الألم. ويجب عليه الإلمام بفروع الطب التي ذكرتها أعلاه بشكل عميق.
مدة التخصص تتراوح من أربع إلى خمس سنوات من ضمنها سنة في العناية المشددة.
عمل طبيب التخدير هو الحفاظ على المريض حياً وضمن الشروط المثلى والفيزيولوجية، وعمله في غرفة العمليات هو كل شيء فيما عدا الجراحة نفسها ، ولكنه يجب أن يكون على اطلاع على سير الجراحة بالتفصيل وكذلك على الامراض المختلفة للتعامل معها.
في ألمانيا يسمى AINS الذي هو اختصار الأحرف الأولى لاختصاص التخدير الذي يشمل:
التخدير ، العناية المشددة، معالجة الألم، طب الطواريء ( الإسعاف والحوادث )
يتضمن عمله القيام بالإنعاش القلبي الرئوي المتقدم ACPR في حالات الموت المفاجيء واضطراب عمل القلب
كثير من الناس يعتقدون أن عمل المخدر هو أن يجعل المريض ينام ثم يغادر القاعة ويرحل!!!
طبيب التخدير أول من يصل قاعة العمليات وآخر من يغادرها ولا يجوز ترك المريض ولا حتى دقيقة واحدة ولا يجوز إجراء أي تخدير بدون مراقبة تخطيط القلب والتنفس وإشباع الدم بالأوكسجين ونسبة ثاني أوكسيد الكربون في هواء الزفير وضغط الدم كل 3 دقائق . وفي العمليات الكثر تعقيداً الضغط الوريدي المركزي وضغط الدم المستمر والضغوط القلبية الرئوية.
وصف مختصر
هو عمل رائع، ممتع وجميل فيما لو مرت الأحداث بهدوء وسلام . ويتخلله مواقف غاية في الشدة والصعوبة والإنفعالية عندما تحدث طواريء أثناء او بعد التخدير لأن حياة المريض قد تكون في خطر والمدة التي لديك للتصرف وتغيير الموجودات لا تتجاوز 3 - 5 دقائق .
أحداث التخدير بالتسلسل
الزيارة الأولية : شديدة الأهمية للتعرف على المريض وبعث الطمأنينة في قلبه وتخفيف ارتباكه وتوتره . تتضمن فحص المريض فحصاً كاملاً واستجوابه والاطلاع على حالته المرضية وما يتناول من الأدوية وطلب الفحوص المخبرية والشعاعية الضرورية له قبل التخدير ، وشرح نوع التخدير المراد إجراءه بالتفصيل والاجابة عن استفساراته بصبر وبتعابير بسيطة . ثم في النهاية كتابة التوصيات الخاصة بالتخدير للمرضة المسؤولة وتحديد نوع التحضير الدوائي قبل الجراحة .
التحضير الدوائي : ويحدده الطبيب لضمان انتقال هاديء إلى غرفة العمليات مع ضمان نسيان المريض لكافة الأحداث التي تسبق التخدير مباشرة وأثناء الصحو . وهذا الأمر له اهميته عند الأطفال خاصة .
المباشرة بالتخدير : تتم فقط بعد وصل كابلات المراقبة إلى جهاز التخدير وفتح خط وريدي لإعطاء الأدوية . وتختلف في حال كون المريض بحالة صيام تام ( معدة فارغة ) أو مريض اسعافي ( معدة ممتلئة )، والفرق هو في احتمال تقيؤ محتويات المعدة الحامضية ودخولها الطرق التنفسية محدثة التهاباً رئوياً وتخريباً قد يكون مميتاً في أفضل المراكز العالمية ( الاستنشاق ) .
بعد نوم المريض يتم إرخاء عضلاته كافة بأدوية خاصة ويوضع أنبوب عبر الحنجرة للتنفس ويتم استكمال فتح الخطوط الوريدية والشريانية حسب الضرورة.
سير التخدير : تتم متابعة التخدير عبر تزويد المريض بواسطة الأنبوب الرغامي بالغاز المخدر والذي نتحكم بواسطته بعمق التخدير وكذلك من الممكن متابعة التخدير وريدياً .
الصحو : بعد انتهاء الجراحة يوقف المخدر ويبدأ المريض بالصحو وعندما يعود تنفسه طبيعياً ينزع الأنبوب الرغامي وينقل إلى غرفة الصحو لاستكمال الصحو. أما الحالات التي تتطلب عناية فائقة بعد الجراحة فينقل المريض إلى العناية المشددة حيث يستكمل أطباء التخدير الاعتناء به
الألم : تعطى مسكنات الألم المورفينية والتي تصل في قوتها إلى مئة ضعف أقوى من المورفين العادي بوفرة حسب نوع الجراحة ، وبعد الصحو تعطى مسكنات غير مورفينية.
أنواع التخدير
حسب نوع الجراحة ومدتها ومكانها والألم المرافق.
التخدير العام general anesthesia
وهو الموصوف أعلاه بمراحله المختلفة ، ويعني أن المريض يكون في حالة نوم تام وله مراحل عدة من العمق ، والدرجة المطلوبة للجراحة هي ما قبل الموت تقريباً . ويتحكم طبيب التخدير بعمق التخدير حسب متطلبات الجراحة والمريض وسير العملية وحالة المريض الفيزيولوجية.
التخدير المناطقي regional anesthesia
وهو تخدير منطقة من الجسم حيث تجرى العملية ، ويبقى المريض واعياً اذا رغب بذلك أو يعطى منومات خفيفة تفقده الوعي حتى انتهاء العملية ( حسب رغبة المريض )
وهو يتضمن :
- التخدير القطني : وهو حقن المخدر في السائل الدماغي الشوكي عبر الدخول بأبرة خاصة بين الفقرات الظهرية تحت التخدير الموضعي ( إجراء غير مؤلم ) وهو يضمن إجراء جراحة رائعة غير مؤلمة على أسفل البطن والأطراف السفلية وكذلك العمليات القيصرية cesarean section
- التخدير حول الجافية : كالقطني لكنه لا يدخل السائل الدماغي الشوكي بل قبله ، وقد يكون الدخول بين الفقرات الظهرية او الصدرية بمستويات مختلفة حسب الجراحة .هدفه تسكين الألم أكثر من الجراحة نفسها حيث تترك قثطرة في المسافة حول الجافية للتسكين بعد الجراحة . يستخدم في تسكين آلام العمليات ويعطي نتائج مذهلة ويستخدم لتسكين آلام الولادة ( ولادة بدون ألم )
- التخدير الضفائري وحصار الأعصاب المحيطية : تتم بتخدير العصب المسؤول ( أو مجموعة الأعصاب ) عن تعصيب منطقة الجراحة وهو من طرق التخدير المتقدمة
التسدير sedation
هو تنويم خفيف للعمليات القصيرة وغير المؤلمة ويحتفظ المريض فيه بتنفسه العفوي ويتميز بصحو سريع ويجب الانتباه من توقف التنفس بحيث يكون الطبيب جاهزاً لتحرير الطريق الهوائي في أي لحظة
ومنه يتبين أنه ليس من الضروري للجراحة إجراء التخدير العام فنسبة كبيرة اليوم من العمليات تتم بتخدير منطقة العملية نفسها
لكل نوع من التخدير مخاطره واختلاطاته التي يجب ان يشرحها الطبيب للمريض في زيارته له قبل العملية
معالجة الألم pain management
وتعتمد تقنياً على التخدير المناطقي وذلك في حالات الآلام المزمنة وغير المستجيبة للعلاجات التقليدية ومرضى السرطان في مراحله الأخيرة
أرجو ان تكون هذه اللمحة قد ساهمت في زيادة معارفكم بهذا المجال في العلوم الطبية وتبديد مخاوفكم من التخدير ، ولا سيما أن الأدوية التي تسبب الهلوسات قد قل استخدامها . وعموماً ما يحدث في غرفة الصحو هو سر بين الطبيب والمريض لا يبوح به لأحد ولا يجوز تذكير المريض بما قاله اثناء الصحو