يبدو ان العقل السليم في «النوم» السليم أيضاً، وأن خسارة النوم تؤدي الى خسارة مماثلة في الدماغ. فبحسب دراسة ألمانية ظهرت أخيراً في مجلة أميركية متخصصة ببحوث «علم النفس البيولوجي»، ترتبط حالات التوتر الشديد والمزمن، مثل تلك التي تحصل في الكآبة المرضية، بتقلّص حجم مراكز الدماغ التي تتولى إدارة رد فعل الإنسان على التوتر والشدائد. وتُلاحظ هذه الخسارة في القشرة الدماغية التي تنتشر فيها مراكز التفكير واللغة والذاكرة، والحال في المنطقة العميقة المعروفة باسم «الدماغ العاطفي» عند الإنسان. وفي هذه الدراسة، استعمل البحّاثة الألمان وسائل متقدمة في تصوير الدماغ وتقويم حجم مناطقه المتنوّعة عند مجموعة من المرضى المصابين بالأرق المُزمن، مع ملاحظة ان هؤلاء لم يكونوا يعانون اضطرابات نفسية أخرى. وقارنوا الأدمغة الأرِقة مع نظيراتها لدى من ينامون بصورة طبيعية. وتبيّن للبحّاثة ان الأرقين تضمر عندهم مناطق مقدمة الدماغ عند الجبهة، وتلك التي تتصل بالعين. وكذلك وجدوا تناسباً بين شدّة الأرق ومدى الضمور، فكلما تزايدت قلّة النوم، كبرت الخسارة في حجم الدماغ. وكذلك لاحظوا وجود علاقة مباشرة بين عمق النوم، ونشاط المناطق المتصلة بتمييز الأحاسيس السارة في المخ، ما دفعهم الى القول بأن بحثهم يؤكد ان العلاقة الوطيدة بين الراحة والنوم، تعتمد على القدرة على تمييز الإحاسيس السارة وملاحظتها. ويعني ذلك أن الأرقين يعانون عدم القدرة على تحديد ما هو الإحساس السار لديهم أصلاً!