الحمد لله
الإنسان
كثير النسيان كثير الخطأ النفس تأمره بالسوء والشيطان يغريه بالمعاصي وإذا
كانت الأجسام تمرض , وتصيبها العلل والآفات وذلك يستلزم وجود الطبيب ,
الذي يصف الدواء المناسب , لتعود الأجسام إلى اعتدالها فكذلك النفوس ,
والقلوب تصيبها أمراض الشهوات والشبهات فتقع فيما حرم الله من سفك الدماء
واستباحة الفروج وشرب الخمور . وظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل والصد عن
سبيل الله والكفر بالله .
أمراض القلوب
أشد خطراً من أمراض الأجسام وذلك يستلزم وجود الطبيب الماهر ولكثرة أمراض
القلوب ، وما ينشأ عنها من الشرور والفساد كلف الله المؤمنين بعلاج تلك
الأمراض ، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال : ( ولتكن منكم أمة
يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )
آل عمران/104 .
والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر من أسمى الوظائف الإسلامية بل هي أشرفها
وأعلاها , وهي وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام كما قال سبحانه : (
رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )
النساء/165 .
وقد جعل الله
الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس لقيامها بهذه الوظيفة العظيمة كما
قال سبحانه : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران/110 .
وإذا عطلت
الأمة شعيرة الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , انتشر الظلم والفساد في
الأمة واستحقت لعنة الله وقد لعن الله الذين كفروا من بني إسرائيل ،
لتعطيلهم هذه الشعيرة العظيمة , كما قال سبحانه : ( لعن الذين كفروا من
بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون
كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) المائدة/78 .
والأمر
بالمعروف , والنهي عن المنكر أصل من أصول هذا الدين والقيام بهما جهاد في
سبيل الله والجهاد يحتاج إلى تحمل المشاق والصبر على الأذى كما قال لقمان
لابنه : ( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما
أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) لقمان/17 .
والأمر
بالمعروف , والنهي عن المنكر رسالة عظيمة لذا يجب على من يقوم بها أن
يتحلى بالأخلاق الكريمة ويعرف مقاصد الشرع ويدعو الناس بالحكمة والموعظة
الحسنة ..ويعاملهم باللين واللطف لعل الله يهدي من يشاء على يديه قال
تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي
أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) النحل/125 .
والأمة التي
تقيم شعائر الإسلام , وتأمر بالمعروف , وتنهى عن المنكر , تفوز بالسعادة
في الدنيا والآخرة ويتنزل عليها نصر الله وتأييده كما قال سبحانه : (
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ، الذين إن مكناهم في الأرض
أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة
الأمور ) الحج/40 - 41 .
والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر رسالة لا تنقطع إلى أن تقوم الساعة وهي واجبة
على جميع الأمة رعاة ورعية رجالاً ونساءً كل حسب حاله قال عليه الصلاة
والسلام : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده , فإن لم يستطع فبلسانه ,
فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم/49 .
والأمة
الإسلامية أمة واحدة فإذا انتشر الفساد فيها وساءت أحوالها وجب على جميع
المسلمين , القيام بالإصلاح وإزالة المنكرات والأمر بالمعروف , والنهي
عن المنكر وبذل النصيحة لكل أحد ، قال عليه الصلاة والسلام : ( الدين
النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه
مسلم/95 .
وإذا أمر
المسلم بشيء , ينبغي أن يكون أسرع الناس إليه وإذا نهى عن شيء , ينبغي أن
يكون أبعد الناس عنه , وقد توعد الله من خالف ذلك بقوله : ( يا أيها الذين
آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون
) الصف/2-3 .
والإنسان مهما
استقام فهو بحاجة إلى النصح , والتوجيه , والتذكير على ضوء الكتاب والسنة
وقد قال الله لرسول رب العالمين , وأكمل الخلق أجمعين : ( يا أيها النبي
اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً )
الأحزاب/1 .
فعلينا جميعاً الأمر بالمعروف .. والنهي عن المنكر لنفوز برضا الله وجنته .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
وصلى الله غلى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين