الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذى تقدست صفاته وأسماءه والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى أضاءت الوجود أضواءه وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وعلى أصحابه الذين أصبح بهم روض الإسلام باسما نضيرا
صفة الميـــــــزان
قال تعالى
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ
( الأنبياء 47 )
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ
( الأعراف 8 ـ 9 )
والقول في الموزون على أربعة أوجه
الأول
أن الأعمال نفسها هي التي توزن وأن أفعال العباد تجسم فتوضع في الميزان قال الله تعالى
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
( الزلزلة 7 ـ8 )
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم
( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن , خفيفتان على اللسان , ثقيلتان في الميزان . سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم )
رواه البخاري , ومسلم , والترمذي
الثاني
أن صحائف الأعمال هي التي توزن ويدل على ذلك حديث البطاقة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة , فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا , كل سجل مثل مد البصر , ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب! فيقول : أفلك عذرٌ ؟ فيقول : لا يا رب فيقول : بلى , إن لك عندنا حسنةً , فإنه لا ظلم عليك اليوم , فتخرج بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , فيقول : احضر وزنك , فيقول : يا رب! ما هذه البطاقة مع السجلات ؟! فقال : إنك لا تظلم , قال : فتوضع السجلات في كفة , والبطاقة في كفة , فطاشت السجلات , وثقلت البطاقة , فلا يثقل مع أسم الله شيء )
رواه الترمذي في الإيمان وقال حسن غريب , وابن ماجه , والحاكم , وصححه ووافقه الذهبي , وأحمد , وابن حباب , وصححه الألباني .
قال الألباني
والحديث دليل على أن ميزان الأعمال له كفتان مشاهدتان , وأن الأعمال وإن كانت أعراضا فإنها توزن وذلك من عقائد أهل السنة , والأحاديث في ذلك متضافرة إن لم تكن متواترة
الثالث
أن الموزون ثواب العمل كما في حديث النواس بن سمعان الكلاني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
( يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به . تقدمه سورة البقرة وآل عمران ) . وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال . ما نسيتهن بعد . قال : ( كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق . أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما )
قال الترمذي رحمه الله
معنى هذا أنه يجيء ثواب قراءته
الرابع
أن الموزون هو العامل نفسه ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة )
وقال اقرءوا إن شئتم أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا
الكهف(105)
والذي استظهر من النصوص والله أعلم أن العامل وعمله وصحيفة عمله كل ذلك يوزن بالجمع بين النصوص ولا منافاة بينها والله أعلم
محمد
حفيد الشيخ سعيد أحمد سعيد رحمه الله
اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني
إنك أنت الغفور الرحيم