[لعل الماء هو الجوهر الأساسي للحياة، وهنا لا نتحدث عن مركبات الماء، ولكن سوف نتحدث عن أصله، وأنواعه.
قال الله، سبحانه وتعالى:
*﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾، [الأنبياء: 21 // 30 ].
لما خلق الله، جل وعلا، الأرض... ودحاها... كانت عبارة عن قطع من الأحجار، ولم يكن فيها ماء، ولكن كان في الأرض كل شيء، أي خلق الله، عز وجل، جميع ما يوجد، وما انقرض، وبمفهوم آخر: بذور المخلوقات التي خلقها الله، جل وعلا، مع خلق الأرض ، وفي الأرض؛ وذلك بدليل الآية:
*﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾، [البقرة: 2 // 29].
فمن هذا الباب، لما دحا الله، جل وعلا، الأرض، أذنت لربها فحقت، فأنزل عليها الماء المالح، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى:
*﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ ۞ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ۞ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾، [الواقعة: 56 // 68 - 70 ].
أي: لقد جعل الله، جل وعلا، من الماء ما هو مالحا فكان بحارا؛ فاهتزت الأرض، وربت، وباتت تميد كما تميل السفينة في البحر. وجعل بين قطع الأرض برازخا. فكان هذا الاصطدام سببا في تصدع الأرض، وتجزيئها إلى قطع متجاورات، وبالتالي حُقت في يوم واحد. وبعد هذا التحقيق تأتي أربعة أيام لخلق أقوات الأرض، وإلقاء الجبال الأوتاد، والجبال الرواسي على الأرض لإرسائها؛ كما جاء في قوله، جل وعلا:
*﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ﴾، [فصلت: 41 // 10].
أي في خلال هذه الأربعة أيام أنزل الله، سبحانه وتعالى، الماء من السماء على الأرض فاهتزت وربت، كما جاء في قوله، جل وعلا:
*﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، [فصلت: 41 // 39].
أي: أحياها من جديد فازداد حجمها وكتلتها، وأنزل الماء فسالت أودية بقدر معلوم، وأنزل الماء فأسكنه في الأرض فجعله ينابيعا، كما جاء في قوله، سبحانه وتعالى:
*﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ﴾، [الرعد: 13 // 17].
*﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾، [ المؤمنون: 23 // 18].
*﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ ﴾، [الزمر: 39 // 21].
وأنزل من الماء فانبت به الحدائق، والجنات، كما جاء في قوله، عز وجل:
*﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾، [النمل: 27 // 60].
*﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾، [ق: 50 // 9].
*﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ۞ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا ۞ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ﴾، [النازعات: 79 // 30 - 32].
نفهم من خلال هذه الآيات أن الله، جل وعلا، خلق كل شيء في الأرض، أي كل المخلوقات تعتبر من مُكونات الأرض، إلا أنها كانت ميتة، فأحياها الله، جل وعلا، بالماء المختلف طعمه ومركباته... كما يمكن أن نستنبط أن الماء الذي أنزل في مرحلة التحقيق، ليس هو الماء الذي أنزل في مرحلة خلق الأقوات، لأن الماء الأول كان من شأنه أن يطهر الأرض من المواد المشعة، والمواد المضرة... والماء الثاني كان من شأنه خلق الحياة...
أنواع الماء:
لعل أنواع الماء التي نستنبطها من القرآن الكريم هي:
1- الماء المبارك الذي خلق به الله، أقوات الأرض في أربعة أيام، وقوله، جل وعلا:
*﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾، [ق: 50 // 9].
2- الماء الطهور: وهو الماء الصالح للشرب، كما جاء في قوله، عز وجل:
*﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا ﴾، [الفرقان: 25 // 48 ].
3- الماء الثجاج، ولعله يكون هو الماء الحمضي، كما جاء في قوله، سبحانه وتعالى:
*﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا ﴾، [النبأ: 78 // 14].
4- الماء المالح وهو ماء البحار، كما جاء في قوله، جل وعلا:
*﴿ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾، [الواقعة: 56 // 70].
5- الماء الغدق، وهو ماء لا ينزل إلا بشرط استقامة الإنسان التي أمره بها الله، عز وجل، كما جاء في قوله، سبحانه وتعالى:
*﴿ وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾، [الجن: 72 // 16 ].
وأنواع الماء كثيرة منها الماء المهين الذي يتناسل به الإنسان والحيوان، والدم الذي فيهما أيضا؛ وجميع السوائل التي تصنف من الماء.
فكيف يمكن لهذه الأنواع من الماء أن تنزل من هذا السحاب وهو نوعان: أبيض وأسود؟! إن دخان الأرض لما كانت تتكون كان أبيضا وأسودا، والسماء كذلك كان لها دخان أبيضا وأسودا. إذا فهناك نوعان من الأبيض، ونوعان من الأسود. وبما أن الماء يتكون من الهيدروجين والأكسجين. فلعل المشكاة الأولى التي خلق الله، جل وعلا، منها السماء تغيرت وتحولت إلى هيدروجين وأكسجين موجب، والمشكاة الثانية التي خلق منها الأرض تغيرت وتحولت إلى هيدروجين وأوكسجين سالب؛ فمن هذه الزاوية نفهم أن دخان السماء الأبيض والأسود نتج عن احتراق الهيدروجين والأكسجين الموجب؛ واحتراق الهيدروجين هو الذي أعطى للفضاء كله اللون الأزرق؛ ودخان الأرض الأبيض، والأسود نتج عن احتراق الهيدروجين والأوكسجين السالب. ولا نحدد فقط أن التغير، والتحول نتج عنه فقط الهيدروجين والأوكسجين، بل نفترض أن يكون هذا ما حصل، ومنهما خلقت كل الغازات الأخرى والمواد. كما نفترض أن يكونا هما بالكثرة في بداية المشوار، ورغم ذلك نعتمد عليهما نظرا لقانون الزوجية...
وبالتالي فتراكم السحاب الذي كان دخان السماء يمثل الهيدروجين والأكسجين الموجب: ذكر وأنثى، [موجب وسالب]، والسحاب الذي كان دخان الأرض يمثل الهيدروجين والأوكسجين: ذكر و أنثى، [موجب وسالب]. انظر الشكل: 72.
فالاحتمال بين هذه الأربعة يسفر عن النتائج التالية:
1 + 1 + 2 =
1 + 1 + 4 =
3 + 3 + 2 =
3 + 3 + 4 =
1 + 3 + 2 =
1 + 3 + 4 =
لعل هذه ستة أنواع من الماء، وقد ورد ذكر خمسة منها في القرآن الكريم وهي :
- الماء المبارك، الماء الطهور، الماء الحمضي، الماء المالح، الماء الغدق.
ونجد أيضا الماء ثلجا فوق قمم الجبال، ونجده بردا في جبال في السماء، كما جاء قوله، سبحانه وتعالى:
*﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴾، [النور: 24 // 43].
وهذا البرد ربما عند نزوله يشتعل نارا بسبب احتكاكه بالذرات الكهربية التي تملأ الجو؛ وهذا جد محتمل لكونه يتركب من الهيدروجين، والأكسيجين، وحالة التجمد التي تجمد الأيونات، وعامل الاحتكاك، وعامل السرعة، وعامل مُركبّات الجو كلها عوامل تجعل من البرد يشتعل نارا...
ونجد عامل البرودة والحرارة ينتجان الماء كذلك، وهذه الظاهرة نشاهدها في فصل الشتاء على زجاج نوافذ البيوت...
كما أن الماء إذا جُمّد إلى أعلى درجة ممكنة، ثم وضع في النار لأعلى درجة ممكنة فإنه يصير مادة صلبة! وهذا ما يوجد في الفضاء عندما اصطدمت الأرض بالسماء فرتقت، وبما أن الأرض أصلها من الهيدروجين والأكسجين السالبين، والسماء أصلها من الهيدروجين والأكسجين الموجبين، فعلى إثر الرتق بدأ الماء يتقاطر فتجمد، وبالحرارة صار مادة لامعة...
كما أن أنواع الماء لا تقف عند هذا البيان، لأن كلما ازداد مقدارا من هذه الأصناف الأربعة إلى صنف آخر، وإلا كان نوعا آخرا من الماء...
ونستنبط أيضا أن أنواع ماء الينابيع الخاصة بالماء الطبيعي الصالح للشرب اثني عشر نوعا، بدليل الآية الكريمة:
*﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾، [البقرة: 2 // 60].
فمن خلال هذه الآية الكريمة يتبين لنا أن أنواع الماء بأنواع الناس! حيث علم كل أناس مشربهم؛ أي كان اتجاه كل إنسان حول عين ليشرب منها عن طريق الفطرة، فاختلفوا فيما بينهم باختلاف مركبات الماء...
نهاية الماء:
لعل ماء البحار سوف يشتعل نارا، وهذا يثبته العلم أيضا بانفصال الهيدروجين عن الأوكسجين، ومع وجود شعلة نار ينفجر الهيدروجين انفجارا لا مثيل له؛ إذا علمنا حجم وكتلة الهيدروجين الموجودة في البحار، وأما شعلة النار فتوجد براكين مشتعلة في قاع البحار؛ كما أن هناك مواد قابلة للاشتعال التي توجد بوفرة في البحار ، سنعلم مدى هول هذا الانفجار؛ كما جاء في قوله، جل وعلا:
*﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾، [الانفطار: 82 // 3].
أما ماء الأنهار والآبار والينابيع فسوف يغور في باطن الأرض، كما جاء في قوله، عز وجل:
*﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ ﴾، [الملك: 67 // 30].
هذا بيان من الله، جل وعلا، للناس، فإن غار الماء الصالح للشرب كله فمن من غير الله، سبحانه وتعالى، يأتينا بالماء المعين، ليس سواه، جل وعلا. وهذا ما يحدث بالفعل للماء؛ إنه يغور شيئا فشيئا، لأن نهاية الماء تعني نهاية الحياة، لأن الله، جل وعلا، جعل من الماء كل شيء حيا...
الهيدروجين والأكسجين:
إذا علمنا أن الماء يتكون من الهيدروجين والأكسجين: H²O))، فكيف تكون الهيدروجين، والأكسجين؟!
لعل المشكاة الثانية التي أمرها الله، جل وعلا، أن تكون أرضا تحولت إلى هيدروجين سالب، وأكسجين سالب، ولما أمر الله، جل وعلا، المشكاة الأولى أن تكون سماء تحولت إلى هيدروجين موجب، وأكسجين موجب؛ ومنهما انطلق التفاعل الكيميائي في المرحلة الثانية التي تكونت فيها المادة.].