ارتفاع درجات الحرارة في مناطق مختلفة من العالم ظاهرة غير عادية وتنذر بالخطر لما يسببه من أضرار بالغة وتنعكس تأثيراته على الواقع البشري وعلى الطبيعة.
ففي الهند ارتفعت درجات الحرارة بمعدلات غير مسبوقة وفي سريلانكا أحدث الحرارة فيضانات عارمة كما ضربت الأعاصير الهائلة الولايات المتحدة الأمريكية، هذا وقد درست (منظمة الأرصاد الجوية العالمية) التابعة للأمم المتحدة مؤخراً الظواهر المناخية الشديدة الحدة وأرجعتها إلى ارتفاع درجة حرارة الكون بعد أن أدت تلك الظواهر التي حدثت في شهري آيار وحزيران الماضيين بحياة زهاء (1750) قتيل في المناطق الثلاث الآنفة الهند وسريلانكا وأمريكا، ناهيكم أن فيضانات هذا الصيف قد أدت إلى إنهاء حياة أكثر من (569) شخصاً في الصين فيما شردت ما يقارب (4.4) مليون شخص في الهند وبنغلاديش.
وقد أعلن المركز الوطني للارصاد الجوية ان درجات الحرارة سجلت رقما قياسيا جديدا الاحد ببلوغها 37,4 في منطقة مطار هيثرو بلندن.
وقال مارتن رولي الباحث في المركز لوكالة فرانس برس "الطقس شديد الحرارة حول (هيثرو) وفي لندن. وفي الصيف لا تصل درجات الحرارة عادة الى اعلى معدل لها قبل الساعة 17,00 ومن ثم فان الحرارة قد تزداد ارتفاعا".
واضاف "علينا الانتظار قليلا لكن هناك فرصة كبيرة" في ان تصل درجة الحرارة الى 37,8 درجة خلال النهار.
وحتى الان كانت درجة الحرارة القياسية التي شهدتها بريطانيا هي 37,8 درجة وسجلت في تشلتنهام (وسط انكلترا) في اب/اغسطس 1990.
وبعملية حساب طردية يتضح بحسب ما أعربت عنه منظمة الأرصاد الجوية العالمية أن يزداد عدد الضحايا والدمار الشديد زيادات كبيرة إذا ما واصلت درجات الحرارة الكونية بارتفاعها على منوالها الحالي وأفادت المنظمة الآنفة: (أن متوسط درجة حرارة الكون على مدى الأعوام المائة القادمة سيرتفع بين 14 و58 درجة مئوية وهي زيادة تهدد الحياة على كوكب الأرض على حد بعض التقديرات.
ويعزو الكثير من العلماء أن النشاط البشري هو الذي يقف وراء مسؤولية ارتفاع درجة حرارة الكون فمنذ مطلع التسعينيات وأصابع الاتهام لم تنحرف عن موقع الغلاف الجوي الذي أفرز ظاهرة الاحتباس الحراري وبهذا الصدد بين تقرير صادر عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: (إن استهلاك الفحم والبترول والغاز الطبيعي يطلق الكاربون المخزون في أنواع الوقود الحفري هذه بمعدلات غير مسبوقة، ويصل ثاني أوكسيد الكاربون المنبعث من احتراق أنواع الوقود هذه إلى أكثر من (23) مليار طن متري سنوياً على مستوى العالم وهي زيادة تبلغ نسبتها (30%) مقارنة بسنة 1800م. ويتسبب هذا الغاز وغيره في تكوين (صوبة زجاجية) غير مرئية تغلف جو الأرض وتحول دون خروج الحرارة منها.
هذا ويحذر العالم (مارك لايناس) من (أن تغير المناخ قضية تتصل ببقاء الجنس البشري ذاته).
وأكد (مكتب الطقس العالمي) في بيان له صدر قبل مدة وتحديداً في الثاني من تموز الجاري قال فيه: (إن الحدة غير المسبوقة في الظواهر المناخية والجوية كانت آخذة في التزايد طوال الأعوام الماضية قبل أن تستمر في الحدوث على مساحات جديدة من مختلف أنحاء العالم.
وبديهي فتغييرات المناخ على المستوى الدولي سوف يكون مدعاة لتهديد العديد من أنواع الزرع وأنقراض العديد من الطيور والحيوانات التي لن تتوفر فيها طاقة التحمل للعيش في أجواء عالية من درجات الحرارة إذ نشرت وكالة رويترز الإعلامية من مكتبها بلندن محددة: (إن ذوبان الجليد في القطب الجنوبي يهدد المصدر الرئيسي لغذاء الحوت الأزرق مما قد يؤدي لانقراضه ومعروف لدى علماء الطبيعة أن هذا الحوت يتغذى على نوع دقيق من الطحالب البحرية يعيش في مياه البحر المتجمدة ويظهر في الصيف لدى ذوبان الجليد ويؤيد مثل هذه النظرية جماعة (W.W.F) البيئية المشهورة.
ومن الظاهر الاجتماعية التي جاءت نتاجا لهذه الظارهة المناخية هو احتشاد قرابة المليون شبه عراة في تحد مباشر للحر ويحتفلون بشوارع زوريخ.
فقد احتشد نحو مليون شخص شبه عرايا في شوارع زوريخ اكبر مدن سويسرا يوم السبت رغم ارتفاع درجة حرارة الجو للمشاركة في اكبر حفل صيفي للموسيقى الالكترونية.
وأقيم المهرجان الذي يحمل اسم عرض الشارع تحت شعار (دع الشمس تشرق) LET THE SUN SHINE وسط درجة حرارة تجاوزت 30 درجة مئوية.
وبرغم الحرارة المرتفعة قال منظمون ان نحو 900 الف شاركوا في الاحتفال على عكس ما هو معروف عن سويسرا من كونها بلدا محافظا وبهذا يتفوق العرض السويسري على نظيره الالماني الذي اقيم في برلين في يوليو تموز وحضره نصف مليون من عشاق الموسيقى الالكترونية.
واقام منظمو المهرجان رشاشات مياه في وسط زوريخ كي يرطب المحتفلون اجسادهم وفضل الكثيرون الاستحمام في مياه البحيرة للانتعاش. واقام رجال الاطفاء نوافير مياه كبيرة ووزع منظمون مستحضرات واقية من الشمس مجانا.
ويقام عرض الشارع في زوريخ كل عام منذ 1991 ونصف المشاركين من خارج البلاد. وبعد نهاية الحدث الرئيسي تستمر مئات الحفلات حتى فجر اليوم التالي.