بسم الله الرحمن الرحيم
°•.
.•° الجفاء يورث الفرقة .. °•.
.•°
إن الجفاء صفة ذميمة و مظهر من مظاهر سوء الخلق، يورث التفرق و الوحشة بين الناس و يقطع ما أمر الله به أن يوصل.
فكم من بيت تخرب و أسرة تهدمت بسببه
وكم من جفوة و نفرة بين الأحبة حدثت بسبب غلظة الطبع والخرق في المعاملة و ترك الرفق في الأمور
والجفاء قد يكون طبعا و قد يكون تطبعا و كلاهما سيئ، و المؤمن الحق يتدارك نفسه بالبعد عن أسبابه و صوره .
و في الحديث: " من بدا جفا " [ رواه أحمد و الترمذي و قال حسن صحيح ] , أي من سكن البادية غلظ طبعه .
و عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " الإيمان ها هنا- و أشار إلى اليمن- و الجفاء و غلظ القلوب في القدّادين ( المكثرون من الإبل) عند أصول أذناب الإبل من حيث يطلع قرنا الشيطان ربيعه و مضر" [ رواه البخاري و مسلم ] .
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، و البذاء من الجفاء و الجفاء في النار". [ رواه الترمذي و ابن ماجة، و قال: حسن صحيح ] .
القرآن يذم الجفاء
و قد وردت النصوص تذم الجفاء و تنفر منه .
قال تعالى: فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك [ آل عمران:159 ].
و قال سبحانه: فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا و لكن قست قلوبهم و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون [ الأنعام:43 ].
وقال: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين [ الزمر:22 ] .
و قال جل و علا: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق و لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثير منهم فاسقون [ الحديد:16 ].
والسنة تنهى عن الجفاء
وكما ورد ذم الجفاء في القرآن الكريم فقد ورد النهي عنه في السنة المطهرة .
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه و الجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط". [ رواه أبو داود وحسنه الألباني ] .
وقد ورد في أخبار الساعة: " وإذا كانت العُراة الحُفاة الجُفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها..." . [ الحديث ، رواه أحمد و البخاري و مسلم ] .
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم: " قال أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم". [ رواه البخاري و مسلم ] . و الألد الخصم هو الذي يفجر في خصومته .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تهجّروا( أي لا تتكلموا بالكلام القبيح) و لا تدابروا، ولا تجسسوا، و لا بيع بعضكم على بيع بعض، و كونوا عباد الله إخوانا". [ رواه مسلم ] .
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاثِ ليالٍ ، يلتقيان فيُعْرِضُ هذا و يُعْرِضُ هذا ، و خيرُهُما الذي يبدأ بالسلام". [ رواه البخاري و مسلم ] وهذا الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لا شك مظهر من مظاهر الجفاء.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فمات دخل النار". [ رواه أبو داوود و صححه الألباني ] .
عن أبي خراش السلمي رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ". [ رواه أبو داوود وصححه الألباني ].
وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " المؤمن مَأْلَفَةٌ (يعني يألف الناس ويألفونه)، و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف". [ رواه أحمد، و قال الألباني :صحيح على شرط مسلم ] .
وبالجملة فالجفاء و الغلظة يبغضها الله عز وجل والملائكة والناس أجمعون.
وعلى المؤمن .. أن يتخلى عن العنف والقسوة والعبوس والطيش وسوء المعاملة وعقوق الوالدين وسوء الظن , وأن يتحلى بمعاني الرفق و الرحمة والبر والعطف و الحلم .
فالتخلية قبل التحلية، و أن يجاهد نفسه في التباعد عن أسباب العنف و صوره .
قال تعالى:
قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها
و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين
و على العبد أن يجأر إلى الله بالدعاء عساه يرزقه حسن التأسي بنبيه صلى الله عليه و سلم ..
فقد كان ألين الناس ضحاكا بساما يصل الرحم ويحمل الكل و يكسب المعدوم و يقري الضيف و يعين على نوائب الحق.
و من كان كذلك لا يخزيه الله أبدا كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها.
أخوة الإيمان ..
لنتخلق بأخلاق المؤمنين، فالمؤمن هين لين سهل ذلول منقاد للحق يألف و يؤلف و لا خير في الجافي الغليظ الذي لا يألف و لا يؤلف.