الحروب الروسية الفنلندية حربان قصيرتان وقعتا خلال الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفييتي وفنلندا. أولاهما حرب الشتاء القصيرة عام 1939 ـ 1940م؛ أما الثانية فهي حرب الاستئناف التي وقعت بين عامي 1941م و1944م. وقد خسرت فنلندا كلتا الحربين.
حرب الشتاء. انتصرت ألمانيا على بولندا عام 1939م، وكان الاتحاد السوفييتي يخشى أن تغزوه ألمانيا عن طريق الأراضي الفنلندية، فزعم أنه يحتاج إلى الأرخبيل الكارلي الفنلندي الذي يقع على بعد 40 كم من مدينة لينينغراد السوفييتية (سانت بطرسبرج الآن) لحماية حدوده. وطلب من فنلندا أن تسلِّم له هذه الأرض لينشئ دفاعات على طول الساحل الفنلندي، ولكن الفنلنديين رفضوا. وبعد مباحثات عقيمة، قطع الاتحاد السوفييتي العلاقات الدبلوماسية مع فنلندا، وفي 30 نوفمبر عام 1939م، هاجم فنلندا دون إعلان سابق للحرب. وسارت الأمور في بداية الحرب لصالح الفنلنديين، لكن ما إن حل شهر فبراير حتى كان المد قد تحول ضدهم، ونزلت بهم خسائر فادحة، ولم يتلقوا إلا قدرًا ضئيلاً من العون الخارجي. وفي 12 مارس وافقت فنلندا على شروط الاتحاد السوفييتي، ووقعت على السلام في موسكو، وتحقَّق للاتحاد السوفييتي أكثر مما كان يطلب في البداية. وفقدت فنلندا عُشر مساحة أراضيها الكلية، كما نال الاتحاد السوفييتي أيضًا حق استئجار شبه جزيرة هانجو لمدة 30 عامًا.
حرب الاستئناف. في الفترة الفاصلة بين الحربين الروسيتين الفنلنديتين الأولى والثانية؛ ففي سبتمبر عام 1940م، وافق القادة العسكريون الفنلنديون سرًا على السماح للقوات والإمدادات الحربية الألمانية بدخول فنلندا. وفي 22 يونيو عام 1941م، غزت ألمانيا الاتحاد السوفييتي السابق، وحاولت فنلندا أن تستعيد مافقدته من أرض في حرب الشتاء، فانضمت لألمانيا في حربها ضد السوفييت، فبادر السوفييت إلى قصف فنلندا بالقنابل.
كانت بريطانيا قد أعلنت الحرب من قبل على ألمانيا، فأعلنتها أيضًا على فنلندا في ديسمبر 1941م. وحينما بدأت الدائرة تدور على الألمان في الحرب، أخذ حماس الفنلنديين للحرب يفتر، وفي سبتمبر 1944م، وافقت فنلندا على شروط معاهدة السلام السوفييتية، حيث أعادت الحدود بين الدولتين إلى ما كانت عليه عام 1940م، وفقد الفنلنديون ميناء بتسامو في منطقة المحيط المتجمد الشمالي، ومناجم الفضَّة القريبة. واستعادوا شبه جزيرة هانجو، ولكنهم منحوا السوفييت حق استئجار شبه جزيرة بوركلا القريبة من هلسنكي لمدة 50 عامًا. ووافقت فنلندا على أن تدفع تعويضات للاتحاد السوفييتي السابق عن خسائره في الحرب، وأن تنزع سلاح القوات الألمانية في أراضيها. وأعاد السوفييت شبه جزيرة بوركلا إلى فنلندا عام 1956م، وفي عام 1962م، أجَّر السوفييت لفنلندا جزءًا من قناة سايما التي غنموها منها عام 1940م.