بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى رقم: 61
الصنف: فتاوى الصـلاة
في حكم بناء المسجد بجوار آخر
السؤال: ما هو حكم من يقوم ببناء مسجد بجوار مسجد آخر بحجة أنّ هذا المسجد لا تجوز فيه الصلاة لأنّه تتولى الإشراف عليه الدولة ؟ وهذه المجموعة تعتبر الحكام طواغيت حسب قولها وبأنها لم تعقد البيعة لهم، كما أنّها أيضا تصلي صلاة العيد منفردة عن جماعة المسلمين، بحجة عدم جوازها خلف بعض الأئمة لأنّهم لا يصلون صلاة الجمعة، فهل هذا مبرر لتفريق جماعة المسلمين؟ ما هو الحكم الشرعي في المعاملة مع هذه الجماعة؟.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فقد نصّ العلماء على تحريم بناء مسجد بجوار مسجد أو قربه منه لقصد الإضرار والمنافسة لما فيه من تفريق جماعة المسلمين وإحداث التقاطع بينهم وشق عصاهم، فإنّ كلّ مسجد بني تحديا للمسلمين وإضرارا بهم أو للرياء والسمعة فهو مسجد الضرار أو في حكمه، يصنع فيه كما يصنع في المسجد الضرار قال تعالى: ﴿وَالّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهّرُوا و اللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة:107-108].
هــذا، وقد أجمع العلماء على وجوب طاعة الحاكم المتغلب وإن لم يستجمع شروط الإمامة، فإمامته صحيحة ولا يجوز الخروج عنه قولا واحدا عن أهل العلم والسنة
، ولو ظهر منهم الجور والظلم فالواجب الصبر عليهم والصلاة خلفهم، وأنّ طاعتهم خير من الخروج عليهم، لما في ذلك من حقن الدماء والمحافظة على الأموال والأعراض، وتسكين الدهماء قال صلى الله عليه وسلم:"من كره من أميره شيئا، فليصبر، فإنّه من خرج على السلطان شبرا مات ميتة جاهلية" (١) وقال صلى الله عليه وسلم: "إنّكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض" ( ٢ ) [ويمكن مراجعة تفصيل هذه المسألة في "مجالس تذكيرية على مسائل منهجية"].
وعليه فلا تكون دعوى ما يقع من ظلمهم وجورهم بتأويل سائغ أو غير سائغ ترك الصلاة والجمعة والجماعات فليس ذلك من أصول أهل السنة والجماعة قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا كان التاركون للجمعة والجماعات خلف أئمة الجور مطلقا معدودين عند السلف والأئمة من أهل البدع" ( ٣ ) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين و سلم تسليما.
الجزائر في:26 محرم 1426هـ
الموافق لـ: 07 مارس 2005م
--------------------------------------------------------------------------------
١- أخرجه البخاري في الفتن(7053)، ومسلم في الإمارة(4897)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
٢- أخرجه البخاري في مناقب الأنصار (3792)، ومسلم في الإمارة(4885)، من حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه.
٣- المجموع لابن تيمية:(23/342).