13/06/2009
[CAPTION]أوتاد
الواضح أن هذه الأمة لا تريد قراءة التاريخ الإسلامي وإذا قرأته فبالبصر لا بالبصيرة
" ...وسقطت دمشق يوم الأربعاء العاشر من رمضان سنة 132 للهجرة, بعد أن حاصرتها القوات العباسية المُرسلة من الكوفة, وكان سقوطها بسبب الخلافات اليمانية - المُضرية التي أدت إلى هزيمة أهل الشام من الداخل بعد أن أقام اليمنية والمُضرية محرابين في كل مسجد منبرين وإمامين يخطبان الجمعة! وكانت تلك الازدواجية والخلافات الداخلية هي السبب الأول والرئيس لسقوط الأمويين. ودخل عبد الله بن علي دمشق وجعل جامعها إسطبلا لدوابه وجماله لمدة سبعين يوما !ونبش قبور الأمويين فوجد أن هشام بن عبد الملك لم يبل منه سوى أرنبة أنفه. فأخرجه من قبره وضربه بالسياط ثم صلبه وحرقه ودق رماده وذره في الريح ! وكل ذلك انتقاما لأخيه محمد بن علي الذي ضربه هشام سبعمئة سوط ".
( مي محمد الخليفة, من سواد الكوفة إلى البحرين: القرامطة من فكرة إلى دولة , ص 55 ¯¯ 56 )
مثل هذا النص التاريخي وغيره من النصوص التي تملأ كتب التاريخ الإسلامي, والتي لا تُدرس في المدارس بسبب " حساسيتها ", يدفع الباحث إلى التساؤل: لماذا لم تتعلم هذه الأمة من دروس تاريخها الإسلامي شيئا ? ألسنا نرى المسلمين اليوم وقد تفرقت بهم الأهواء, فبنت كل طائفة مسجدها الخاص بها, وكأننا أمام أديان متعددة وليس دينا واحدا. لدينا اليوم في العالم العربي والإسلامي ما لا يقل عن تسعين فرقة تنتمي إلى دين واحد, ومع ذلك يأتي من يرى أن جميعها في النار عدا واحدة, لا يعلم سوى الله من هي. ومصيبة إذا كان جماعة "السلف" عندنا يرون أنهم هم الفرقة الناجية, إذ ما علمت أن الفرقة الناجية توافق على بيع الخمور ولحم الخنزير, أو تدافع عمن يفعل ذلك بالباطل, من أجل عيون الانتخابات غير الإسلامية!
انظروا إلى التاريخ الإسلامي واقرأوه, وستجدون حتما صراعات لا أول لها ولا آخر على متاع الدنيا, السلطة والملك. ولا يزال المسلمون يتصارعون في قضايا الدين, ويكفرون بعضهم بعضا, ولولا بقية من رحمة الله, لتحولت صراعاتهم إلى مجازر. ولو تُرك الحبل على الغارب للعرب المسلمين لقتل بعضهم بعضاً, ولكن لا أحد يقرأ التاريخ للاعتبار وتعلم الدروس لتجنب مساوئ الماضي. وها هم الفلسطينيون في "حماس" و"فتح" يتقاتلون فيما بينهم, وها هو العراق يضع نفسه في موضع التهديد للكويت, وها هي إيران تؤذي العراق, وسورية تؤذي لبنان, وأما القتال بين الفرق الصومالية فقصة مرعبة أبطالها كلهم يتجهون إلى القبلة نفسها في الصلاة! وأما ما فعلته جماعة "طالبان" المسلمة بمساجد الشيعة وبالمسلمين في باكستان ( وادي سوات وغيرها من المناطق المنكوبة ب¯"طالبان" المجرمة ) فلا يختلف عما فعله عبد الله بن علي يوم دخل دمشق سوى في درجة الكراهية, لكن العنف والقتل والتدمير فحدث ولا حرج. وهل أتاكم حديث القتل على الهوية الطائفية في العراق قبل فترة? وما يفعله الإيرانيون بالأهوازيين, وكلهم ينتمون إلى دين واحد!
التاريخ يُفترض أنه يعلمنا دروسا للاعتبار والانتباه لعدم تكرار أخطاء الماضين, ولكن على من تتلو مزاميرك يا داوود? ومن الواضح أن هذه الأمة لا تريد قراءة التاريخ الإسلامي, وإذا ما قرأته, فبالبصر لا بالبصيرة.
* كاتب كويتي