فالحدث الرياضي نجح مثلما نجح الفريق
الأول من الشخصيات، في التغطية على عجز ميادين أخرى تبدو للعيان أنها أكثر
أهمية من "لعبة كرعين"، فكان تأهل الجزائر إلى المونديال، مخرج نجدة
للجزائريين، تنفسوا من خلاله الصعداء، ونجح الحدث في إمتصاص غضب مواطنين
تناسوا بفضل الإنتصار الكروي والوحدة الوطنية للتصدي للعدوان المصري،
تناسوا أو نسوا مشاكل وإنشغالات يومية هي أكبر من "ماتش كورة" ومن كأسي
إفريقيا والعالم، لكن ملحمة التصدي للعدوان ومهمة الإنتصار على معتدين
مصريين باللعب النظيف والشريف، أجلّ كل الملفات إلى وقت لاحق، وهذوا هم
الجزائريين، يتركون داخلهم عندما يتعلق الأمر بمواجهة خارجية..نعم، ينبغي
للشخصيات التي رفعت التحدي وصنعت الحدث، أن تكرّم ويُعترف لها بالعرفان
والتقدير وتحفظ في ذاكرة التاريخ، لكن، بالمقابل، يجب للوجوه التي ركبت
الأحداث أن تحمد القضاء والقدر والصدفة على هذه النعمة الربانية التي رفعت
أسهم جزائريين في بورصة أحداث 2009 فيما أنزلت أسهم آخرين بقوا في الظل
والهامش، وإن كان لجنود الخفاء نصيبهم من أيّ تكريم وإفتخار، لكن الذين
اختاروا الزاوية الحادة همشوا أنفسهم ولم تهمشهم الأحداث التي أثبتت جدارة
البعض، فيما ركب موجتها آخرون فكان "البرود" والتسلل للواجهة حتما
مقضيا..نعم، بعد المعركة يتكاثر الأبطال، لكن لا يمكن للخائبين والمترددين
وراكبي القطار وسط الطريق أو بعد وصوله إلى آخر محطاته، أن يقنعوا الرأي
العام بأنهم كانوا في مقدمة "المحاربين" وفي ساحة المعركة، وبالمقابل، لا
يمكن لجاحد أن يخفي إنتصارات وتضحيات "مجاهدين" تحدوا وتصدّوا لعدوان أعمى
إستهدف الجزائر وحاول كسرها وتقويضها بإستهداف رموزها وسمعتها وهيبتها على
مستوى المحافل الدولية..لكن صدق من قال: "ألّي فاتك بليلة فاتك بحيلة"،
والمصريون اعتقدوا في لحظة غرور وشرور أنهم "القط ألّي يعلم بوه النط"،
وهو ما أوقعهم في الأخطاء والخطايا والكبائر التي لا تغتفر إلاّ بإعتذارات
وتعويضات ومراجعة لحسابات "الكبير" الإفتراضي الذي يضرب ويبكي ويسبق
ويشتكي..فشكرا لأولائك الفدائيين والشجعان والفرسان الذين وقفوا وقفة
الرجال الصناديد الذين يضربون بيد من حديد عندما يتعلق الحال بكرامة شعب
وهيبة دولة، ولهؤلاء الذين تخاذلوا تحق لهم الدعوة بالهداية ليلة العام
الجديد، أما الذين تبنّو أو "سطو" على إنتصارات الآخرين فلهم كلمة"..يا
فاقوا!".
بوحيرد..أزمة وعدّت
كانت نقطة البداية في قضية المجاهدة
جميلة بوحيرد التي أسالت الكثير من الحبر، عندما نشرت "الشروق" رسالة لها
تعتبر الأولى من نوعها تناولت فيها وضعها الصحي الصعب الذي يفرض عليها
العلاج السريع والدقيق، كما تطرقت فيها إلى وضعها المادي الصعب الذي لا
يتيح لها فرصة العلاج في الخارج، مؤكدة أن المنحة التي تتقاضها لا تكفي
لتأمين حاجياتها الأساسية.
كما وجهت في نفس الرسالة نداء إلى الشعب
الجزائري تطلب فيه مساعدتها ماديا حتى تستطيع التنقل للعلاج، وبمجرد صدور
المقال لم تتوقف هواتف الجريدة ولا فاكساتها عن استقبال المئات من
المكالمات والطلبات يوميا أصحابها من كافة شرائح المجتمع يعبرون فيها عن
تضامنهم المطلق معها، مطالبين بحساب جاري يستطيعون من خلاله تزويد
المجاهدة الرمز بمبالغ مالية تمكنها من متابعة العلاج.
ليكون ختام هذه القضية إعلان أعلى
السلطات الجزائرية عن تكفلها ببوحيرد، حيث صرح المدير العام للضمان
الاجتماعي بأن رئيس الجمهورية أعطى أمرا بالتكفل التام بها، حيث أرسلت إلى
فرنسا وهي الآن تتابع رحلتها العلاجية في فرنسا، تحت رعاية أعلى السلطات
في البلد.
لابيش تمرمد الشويش!
نودّع العام 2009 ليس بشجرة "السابا"
و"لابيش" و"الشامبانيا" وهدايا "بابا نوال"، ولكن بتقليب المواجع
والإنكسارات أحيانا، وإحياء الأفراح والإنتصارات أحيانا أخرى، فاستقبال
2010، لن يكون إلا فرصة أخرى لإكمال البرامج المعطلة من طرف مصالح وهيئات
منتخبة ووزراء، لم يفهموا بعد أن رئيس الجمهورية هو الموجود في "الواجهة
والمواجهة" بالنسبة لتنفيذ وعود وعهود قطعها على نفسه أمام مواطنين
انتخبوه بالأغلبية الساحقة.
فسياسيا، مرّ العام 2009 بردا وسلاما على
وزراء وولاة ورؤساء دوائر وأميار ومديرين، مازالوا "ضاربينها بركلة"، ورغم
المساعدات والأغلفة المالية الضخمة التي رصدتها مجالس الوزراء والحكومة،
إلاّ أن هؤلاء يواصلون تماطلهم وتقاعسهم ومشية السلحفاة التي لم تنجح في
مسايرة سرعة البرق التي يريد الرئيس بوتفليقة أن تسير بها الجزائر.
إقتصاديا وإجتماعيا، كان 2009 شهور عجاف
بالنسبة للغلابى والزوالية، حيث أصبحت البطاطا "فاكهة" لمن استطاع إليها
سبيلا، وتحوّل العدس إلى "امتياز" لا تأكله إلاّ الأفواه المحظوظة وسط
جزائريين هزهم زلزال إلغاء القروض الإستهلاكية، لكنهم عايشين بأمل الإفراج
عن القروض العقارية التي ستشارك في معالجة أمراض السكن، موازاة مع تحوّل
لقاء الثلاثية إلى حلم بالنسبة للبعض من المستفيدين من "البقشيش" وإلى
كابوس بالنسبة لمن لم تمسّهم الزيادات.
أمنيا، لا أحد من الجزائريين أو غيرهم،
يمكنه أن ينتج تقييما غير إيجابي بشأن انتقال الوضع الأمني في البلاد من
الحسن إلى الأحسن، وعودة الطمأنينة خلال العام 2009، مع تسجيل تراجع كبير
في الإعتداءات الإرهابية وانحصار النشاط الإجرامي في عمليات معزولة تواصل
قوات الجيش والأمن و"الرجال الواقفون" مهمة التصدي لها.
رياضيا، يجب الإعتراف بأن جلدة منفوخة
نجحت في جمع شمل الجزائريين، عكس "التفرقة" التي تسببت فيها لعدة سنوات
أحزاب سياسية ووجوه لا تعرف من أين تأكل الكتف، وكانت تصفيات كأسي إفريقيا
والعالم، البوتقة التي جمعت الجزائريين ووحدت صوتهم ومؤازرتهم لفريق واحد،
اسمه المنتخب الجزائري.
في 2009 كان التصدي للعدوان والغرور
المصري من بين أهم الملفات والقضايا التي لا يمكن تجاوزها أو تغطيتها،
فالحملة الإعلامية التي شنتها الفضائيات المصرية بكل عدائية ودعائية في حق
الجزائر شعبا ودولة ورئيسا وجيشا وتاريخا وحكومة، أنست مختلف "الطوائف"
حساباتها و"أحقادها" فتوحدت الكلمة وسار الجميع خلف الجزائر ظالمة أو
مظلومة.
نعم، لا يمكن لأيّ جزائري، أن ينسى
مستقبلا حجم الجرائم اللفظية والإعتداءات السياسية والديبلوماسية
والرياضية والجسدية والإعلامية، التي تعرّض لها الجزائريون على أيدي
"بلطاجية" وحرامية استباحوا دم وكرامة أشقاء لهم، ولا أحد من الجزائريين
سينسى 2009 الذي أثبتت فيه الجزائر أنها كبيرة برجالها وأنها "تمدّ
الطرايح" لمن يتجاوز حدوده معها وأنها لا تظلم أحدا لكنها لن تقبل أن
تُظلم من أي طرف كان!.
هذه هي الجزائر، وهؤلاء هم الجزائريون،
توحّدهم المشاكل وتجمعهم المصائب ويسيرون صفا واحدا موحدا خلف مصيرهم
عندما يتعلق الأمر بـ "عدوّ خارجي" يريد أن يفرض عليهم أعرافه وتقاليده
ومسخرته، فبالتغنانت تُهزم المسرحيات والتمثيليات البايخة وبالجرأة يسقط
الرعب والجبناء وبالحقيقة يتعرّى الهفّ.. فوداعا لـ 2009 الذي أهدى
للجزائريين بطولة وملحمة شعبية نقشها التاريخ في تعاملات الشعوب والدول
الكبيرة التي لا تخاف الفراعنة.
بركات.. الخنازير بين البطاطا والأنفلونزا
شهد قطاع الصحة هذه السنة احتجاجات
متتالية، لجميع العمال دون استثناء، الأطباء الاستشفائيين الخاصين، ممارسي
الصحة، والأخصائيين النفسانيين، بسبب تماطل الوزارة في إصدار القوانين
الخاصة بهذه الفئات، وهم يتأهبون للعودة إلى الإضراب بداية من 4 جانفي
المقبل، لأن وزارة صحة تراجعت عن وعودها، دون مراعاة الظرف الذي تمر به
البلاد.
ومنذ الإعلان عن الحالة الأولى للإصابة
بأنفلونزا الخنازير، لم يحرك وزير الصحة ساكنا وبقي يتفرج على مديرية
الوقاية وهي تائهة، بعد عزل (الدكتور وحدي) وبقيت المديرية الأساس من دون
مسؤول مدة 6 أشهر، من شهر جوان الى نوفمبر، الى غاية تعيين الدكتور
(مصباح)، بعد ما طاف الفيروس بكل بقاع الوطن، ومن هنا نعرف لماذا توفي الى
غاية اليوم 44 شخصا في الجزائر بسبب هذه الأنفلونزا والبقية الله اعلم.
هل ينجح وزير الصحة في محاربة أنفلونزا
الخنازير، كما نجح سابقه على انفلونزا الطيور، أم يفشل كما فشل في حربه
على البطاطا، التي أنتجت (بطاطا الخنازير)، حينها لا ينفع أن يكون هو أول
من استعمل اللقاح في الجزائر.
جيار.. لعب وجدّ
إلى وقت قريب لم يكن منصب وزير الشباب
والرياضة يصنع الحدث على الساحة السياسية بسبب الانتكاسات الرياضية قبل أن
يبرز عام 2009 الهاشمي جيار كواحد من الوجوه الوزارية التي صنعها الحدث
فتأقلمت معه فعرف جيار كيف يسجل أهدافا بعد ملحمة أم درمان وهو القائل
"أنصارنا ليسوا بلطجية .. وما فعلناه في السودان كان معركة نيف" ليستمر
الوزير في تسجيل الأهداف فكان الهدف الذي جعله يكون آخر العائدين من
القاهرة ومن بعده تلك التصريحات المناهضة لغطرسة الإعلام المصري فكان أن
صرح قائلا "طوينا صفحة مع مصر لكننا لم نمزقها..".
ولعل الهاشمي جيار يظل واحدا من الوجوه
القليلة التي ماتزال أجندة أعمالها مرفوعة فهو الذي يشرف على لجان تنقل
الأنصار إلى انغولا، مؤكدا تخفيض التكلفة من 25 مليون سنتيم إلى 60 ألف
دينار ومتوعدا بمضاعفة عدد المناصرين في حال مواجهة الخضر للفراعنة.
عام 2009 منح للوزير أيضا قوة التأكيد في
تصريح له بتعديل المرسوم الخاص بالرياضة من أجل وضع حد لبعض الممارسات حسب
ما أكده في أحد منتديات الشروق، وستبقى مهمة الوزير مرفوعة لعام 2010 مع
تأهل الخضر لكأس العالم التي ستجرى جوان القادم. فهل سيستمر جيار في
تسجيل أهداف أخرى؟.
بن بوزيد.."طيحة ونوضة" مع الإضرابات
صنعت النقابات المستقلة لقطاع التربية
الحدث الاجتماعي البارز خلال سنة 2009 بالاضراب الذي دام لاكثر من 21
يوما، وشكل احراجا حقيقيا لوزير التربية الوطنية، أبو بكر بن بوزيد، حيث
شلت المؤسسات التربوية بالأطوار التعليمية الثلاث، وتوافق ذلك مباشرة عقب
انطلاق رزمانة الفروض وعطلت بذلك الامتحانات، ووجد أولياء التلاميذ مصير
أبنائهم مهددا خاصة بعدما استمر الإضراب إلى غاية عشية العطلة الشتوية.
وشرع عقبها وزير القطاع في مفاوضات مع
النقابات المستقلة من خلال الاستجابة لمطالبهم المتعلقة أساسا بمراجعة
نظام التعويضات الخاث بالمنح والعلاوات، لإقرار زيادات جديدة في الاجور
توافق محتويات القانون الأساسي لقطاع التربية، كما عقدت عدة اجتماعات من
أجل تدارك الدروس التي برمجت خلال العطلة الشتوية للطور الثانوي، وتم
التنازل عنها لباقي الطورين بحجة أن الرزنامة الأصلية السنوية أضيف لها
أسبوع هذه السنة.
ويعتبر إضراب نوفمير 2009 أكبر حركة
احتجاجية بقطاع التربية، منذ حوالي 6 سنوات، ووجد الوزير بن بوزيد نفسه في
حرج كبير، خاصة بعدما انتقصت ثلاثة أسابيع من البرنامج السنوي، في حين
أحدث ذات الوزير إصلاحات تتعلق برفع الحجم الساعي لبعض الشعب التعليمية،
وفي ظل تراجع أجور عمال قطاع التربية مقارنة بنظرائهم في دول الجوار
الشقيقة تبقى الإصلاحات التي يريدها وزير التربية الوطنية في طريق
أكاديمي، ليس في أولويات مستخدمي القطاع.
بوعبد الله lgerieAire A في مهمة للمريخ
برزت حقيقة معنى القطاع الاستراتيجي
لدولة الجزائر في وجود قطاع نقل عمومي فعال، وبالأخص في المجال الجوي من
خلال الدور الهام الذي لعبته شركة الخطوط الجوية الجزائرية، سنة 2009، في
توفير الدعم اللوجستكي، لإنجاح عملية نقل الانصار لحضور واقعة، أم درمان
بملعب المريخ بالعاصمة السودانية الخرطوم، ما بين 14 و18 نوفمبر، وقبلها
نقل الأنصار قبل 14 نوفمبر إلى القاهرة، وكانت الأهبة والاستعداد لدى
الطيارين الجزائرين بقيادة الرئيس المدير العام، وحيد بوعبد الله، طبقا
لتعليمات رئيس الجمهورية في نقل أنصار "الخضر" في ظرف قياسي.
وقد تمكنت الجوية الجزائرية من نقل أزيد
من 10 آلاف و350 مناصر، وعلى مراحل، الأولى من الجزائر باتجاه الخرطوم
والثانية من الجزائر إلى القاهرة، ثم الخرطوم على متن طائرتين اثنتين بسعة
250 راكب في الطائرة الواحدة، وكانت الشركة مستعدة لنقل أكثر من ذلك، غير
أن تذاكر الملعب المقدرة بـ 10 آلاف مناصر حددت تعداد الجزائريين الذين
يتنقلون للسودان.
وطالب بوعبد الله موظفي الشركة التجند
لضمان نقل الأنصار، وكان المقر العام للجوية الجزائرية قد عرف غُزي من قبل
آلاف الشباب عشية التنقل للخرطوم، حيث أن 10 آلاف جواز سفر بقي بحوزة
الشركة لتعذر نقل جماهير دون توفر سعة بالملعب، علما أن عدد الطلبات وطنيا
وصل إلى 2 مليون.
رورارة..التصدّي أشدّ من الإنتصار
وقع رئيس الاتحادية الوطنية الجزائرية
لكرة القدم اسمه في سجل جزائر 2009 وبالبند العريض وعن جدارة بعد إدارته
الاحترافية لعودة المنتخب الوطني لكرة القدم إلى حظيرة الكبار، إثر غياب
تجاوز 23 سنة، ليؤكد بمنحه "شيكا على بياض" للشيخ سعدان لهندسة انتصارات
الخضر فنيا وتقنيا دون أي تدخل أو ضغط من قريب أو بعيد، بل كان روراوة
الحصن المنيع لرد كل المؤامرات لتخريب بيت المنتخب الوطني بالتشويش على
محاربي الصحراء أو الضغط على الشيخ سعدان لاستبدال هذا بذاك، كما حدث عشية
مونديال 1986 حين صار الجميع مدربا إلا أن الحكيم روراوة جهّر بدعمه
المطلق لشيخ المدربين.
روراوة كان وبامتياز أحد صناع أفراح
الجزائريين في 2009 بسهره على راحة أشبال سعدان وتعبيد الطريق أمام
قذائفهم الكروية لبلوغ شباك الخصم بل رسم ملحمة استبسال وتضحية من أجل
الوطن برفضه مصافحة رئيس الإتحاد المصري لكرة القدم بعد قذف حافلة المنتخب
الوطني بالحجارة.
سيدي السعيد... هدية السنة وبقشيش الثلاثية
طال الترقب للزيادة في الأجر الوطني
المضمون الذي أعلنه بوتفليقة في الـ24 من فيفري الماضي، فبات ورقة زايدت
بها عدة أطراف لمدة 9 أشهر كاملة، قبل أن تستفيق الطبقة العاملة من "حلم"
الزيادات في الأجور على واقع نتائج الثلاثية التي لم تعدو سوى أن تكون
إطار لإعلان قرارات قديمة في حلة جديدة وغلاف منمق استطاع أن يبعث الروح
في جثة المركزية النقابية التي دقت آخر مسامير نعشها بتوقيع ما أسمته
بالعقد الاقتصادي والاجتماعي.
الصخب والضجة التي ألفتها الجبهة
الاجتماعية، كلما اقترب لقاء الثلاثية غابت هذه المرة، ومرّ الحدث في هدوء
وسلام حد الرتابة والروتين، لأن الزيادة لم تنتزع، ولم تشكل موضوعا لمطلب
أو نضال نقابي، فقيمة الـ3 آلاف دينار التي سجلها الأجر الوطني المضمون
كزيادة، لم تكن سوى "كرم وجود" و"عطية" من الرئيس، والعطية لا تحتمل
التفاوض أو النقاش.
الزيادة التي ادعت الحكومة أنها ستحسن
القدرة الشرائية للمواطن، اختارت جيوبا ولم تختر أخرى، لأنها تخص فئات دون
أخرى، غير أن الإستثمار السياسي في هذه الزيادة والتباهي واستعراض العضلات
الذي رافق لقاء الثلاثية من قبل "الباترونا" ونقابة سيدي السعيد شكل وقودا
أشعل نار الأسعار مجددا في السوق، لتصبح الـ3 آلاف دينار عديمة الجدوى
وعديمة الأثر إذا ما وضعت في "إناء" الزيادات التي أعقبت لقاء الثلاثية،
إلى هنا تختلط علينا الأمور لنجد أنفسنا عاجزين عن تصنيف لقاء "الثلاثية"،
فهل يصح أن نضعه في خانة "الحدث" أو "اللاحدث".
حجار..المؤامرة العلمية تهزم البلطجية
لم يكن لسفير الجزائر بالقاهرة وممثلها
الدائم بالجامعة العربية عبد القادر حجار، ليتوقع أبدا أن يتحوّل من شخصية
سياسية بقي اسمها حبيس دوائر ضيقة إلى شخصية شعبية يعرفها العام والخاص
ويتطلع الجميع لمعرفة أخبارها، عبد القادر حجار صنعت منه مباراة في كرة
القدم ما عجزت عن صناعته ممارسة سياسية طويلة ضمن أطر أكبر حزب سياسي أطلق
عليه اسم "الجهاز ".
حجار شاءت الظروف أن تسخر له أسباب
التخلص من لقب مهندس المؤامرة العلمية فوسمته بلقب راعي شؤون الجزائريين
وحاميهم على الأراضي المصرية، كيف لا وهو الذي نزل إلى الجماهير الجزائرية
عندما وصلت القاهرة قبيل مباراة الـ 14 نوفمبر الماضي، كيف لا وهو الذي
سهر على فك الحصار الذي ضرب على الجماهير الجزائرية "بإستاد" القاهرة،
حجار سجل اسمه ضمن قائمة رجال السنة لأنه حرص على رعاية الجزائريين
المعتدى عليهم من قبل المصريين، كما ساهم في نقل المناصرين من القاهرة
بإتجاه السودان.
حجار "استبسل" ولم يطأطئ الرأس رغم
الهجوم الإعلامي والبشري الذي تعرض له، وكاد أن يكلفه ثمن ذلك حياته بعد
أن أصبح مقر إقامته هدفا لآلاف المصريين الراغبين في رد شرفهم المهدور في
هزيمة مباراة لكرة القدم، سفير الجزائر الذي لم تهز جذوره رياح التخياط
السياسي والمؤمراة العلمية، انتفض وكشر عن أنيابه، وهدّد في 2009 بترك
منصبه كسفير للجزائر في القاهرة، وقالها من على المباشر لكل العرب
"لايشرفني أن أمثل الجزائر في بلد كمصر"
لقد انتزع حجار لقب السنة ومحبوب
الجماهير لأنه رد بعض إهانات المصريين عندما قالها عاليا "لا يوجد أحقر
منك يا بكري والجزائر لن تعتذر يا علاء مبارك".
سلطاني.. الخروج من الحكومة والفرار من سويسرا
لا يمكن لزعيم حركة "حمس" أبو جرة
سلطاني، وهو يكتب مذكراته لسنة 2009 أن يغمض عينيه عن محطات ثلاث كانت
نصيبه في العام الذي سينقضي اليوم، وبيّنت أن خليفة الشيخ نحناح صورة
الزعيم الإخواني الجدير بعرش الحركة، فالأحداث خرقت له حركة الدعوة
والتغيير قبل أن يسقط دون سواه من تشكيلة الحكومة لينفذ بجلده من سويسرا
وإلا كان يقبع اليوم في أحد سجون الكنفدرالية.
في الـ10 أفريل بلغ الشقاق ذروته بين
الإخوة الأعداء في حركة "حمس" بعدما تقاذف المختلفون كل أنواع الاتهامات
لتولد الدعوة والتغيير بإعلان ومعها القطيعة بين جماعة بلمهدي مناصرة
والدان وزعيمهم سلطاني الذي اتهموه بالبزنسة والانحراف بالحركة عن خط
زعيمها الروحي ومؤسسها.
وفي 27 أفريل بعد تثبيت الرئيس بوتفليقة
أرجله على أرضية العهدة الثالثة، سقط سلطاني من تشكيلة الحكومة هو وحده
دون غيره من الوزراء، بطلب منه للتفرغ لأمور بيت الحركة -حسب روايته-
ولأنه بات الحلقة الضعيفة في التحالف الرئاسي في روايات أخرى. ليختم له
العام 2009 بذكرى مرة، نفذ فيها بجلده ذات 16 اكتوبر من الأراضي السويسرية
بعد صدور مذكرة توقيف في حقه من العدالة هناك، تبعا لشكوى منظمة "تريال"
الحقوقية التي أرادت معاقبته لضلوعه في "قضية تعذيب المسمى أنور مالك"
-حسب ما يروي هذا الأخير-.
ساويرس.. حلم "جازي" ولعنة الضرائب
يمكن لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس أن
يردد المثل المصري "كان مستخبيلي فين ده..!؟" وهو يواجه هذه الأيام معضلة
سداد الضرائب المستحقة للدولة الجزائرية والمقدرة بـ596 مليون دولار، بعد
سنوات عز ورفاهية، ظلت "جازي" فيها البقرة الحلوب التي تضخ الأموال
بـ"الهبل" في كيان الشركة الأم القابضة "أوراسكوم تليكوم" المصرية.
ربما يقول ساويرس ذلك أو "جاك الموت يا
تارك الصلاة" بعدما ظلت أمور شركته الجزائرية مستقرة تحقق الأرباح سنة بعد
سنة، ولم تفصح الحكومة عن المطالبة بضرائب 2005، 2006،2007 إلا بعدما
تمادى إخوانه المصريون في تحريك عش الدبابير، ما خلق له مشاكل حقيقية مع
نهاية 2009
لا ينكر ساويرس أن الاستثمار المصري ظّل
مدلل الحكومة الجزائرية لسنوات طوال، ما جعله يسد أذنيه عن تفاهات أبناء
جلدته الذين كانوا طالبوه بالرحيل بشركته ليذهب من يشغّل من الجزائريين
"ليشحتوا في الشارع".
بوتفليقة.. منتصر الرئاسيات وفارس المونديال
يجمع الجزائريون على أن شخصية السنة
المنقضية، الأولى ودون منازع، هو الرئيس بوتفليقة، ليس فقط لأنه سحق جميع
منافسيه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أفريل الأخير، وجدد عهده
بمنصب القاضي الأول، وإنما لقراره المثير وغير المسبوق، بإرسال ما يزيد عن
عشرة آلاف من المشجعين الجزائريين إلى أم درمان بالسودان لمناصرة الفريق
الوطني لكرة القدم في مواجهة تبقى تاريخية مع الفريق المصري.
فبالرغم من الظروف الاجتماعية الصعبة،
التي عاشها الملايين من الشباب الجزائري، بسبب محدودية فرص العمل وما نتج
عن ذلك من تفشي ظاهرة البطالة بين الفئة النشطة، إلا أن آلاف الجزائريين
ومعظمهم من الشباب خرج في نوفمبر المنصرم، ليهتف باسم الفريق الوطني ومعه
الرئيس بوتفليقة، في مشهد لم يكن مألوفا في المشهد السياسي المحلي منذ
وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين
مصدر إعجاب الجزائريين ببوتفليقة، نابع
من سرعة تعاطيه مع الاعتداءات الوحشية التي تعرضت لها بعثة الفريق الوطني
لكرة القدم في القاهرة، وكذا مناصري الخضر، على أيدي المتعصبين المصريين،
الذين سقطوا في مستنقع التوظيف السياسي لحدث رياضي، لصالح مشروع توريث نجل
الرئيس المصري جمال مبارك، عرش أبيه، والذي عبّر المصريون بقوة عن رفضهم
له. وبقدر ما كان قرار بوتفليقة، بإقامة جسر جوي بين العاصمة والخرطوم،
محل رضا وامتنان أنصار »الخضرا« وعموم الجزائريين، شكل أيضا مصدر دهشة
وحيرة لدى أطراف أجنبية.
بلخادم..لا لشرور "فافا" وغرور الفراعنة
لفت الأمين العام للأفلان، والممثل
الشخصي لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بلخادم، أنظار المتابعين للشأن
السياسي، خلال سنة 2009، بشكل لافت جعله من بين الشخصيات التي حجزت لنفسها
مكانا ضمن صانعي الأحداث خلال السنة المنقضية
وتفوّق بلخادم حتى على الوزير الأول
وزعيم الأرندي، أحمد أويحيى، من حيث الحضور الإعلامي، بسبب جرأته في خوض
المسائل التي يفضل فيها الكثير من السياسيين، الرجوع إلى الرئيس بوتفليقة،
سيما عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية.
ويحسب لبلخادم تجرأه الدائم والمستمر على
مطالبة فرنسا بتقديم اعتذاراتها للجزائريين وتعويضهم عن أزيد من قرن وربع
من الإستعمار الاستيطاني والإبادي البشع، بحيث لم يتردد في كل مناسبة أو
بدونها في تجديد هذا المطلب، الذي سكتت عنه الكثير من التنظيمات السياسية،
بما فيها ثاني قوة سياسية في البلاد، ممثلة في الأرندي
كما أوجد بلخادم لنفسه مكانا أيضا بين
الشخصيات السياسية وغير السياسية التي أدلت بدلوها في الحرب غير الباردة
التي اندلعت بين الجزائر والقاهرة، وما تلا مقابلتي القاهرة والخرطوم من
أحداث وصلت حد سحب المصريين لسفيرهم من الجزائر، في صورة احتجاج عن وضع
يتحملون مسؤوليته كاملة، ومن بين العبارات التي قالها بلخادم وستبقى راسخة
عبارته الشهيرة "لن تغفر الجزائر لمصر ما لم تعاقب من أساء لشهدائها
ورموزها".
أويحيى..إلغاء التقسيط ومع مصر لا تفريط
وقعت حكومة أويحيى أربعة قرارات مصيرية
صنعت مصير ملايين الجزائريين وأعادت ترتيب بيت آلاف العائلات الجزائرية
سنة 2009، بدأها بقرار بتغيير عطلة نهاية الأسبوع، التي تغيّرت معها
مواعيد عمل الجزائريين ومواعيد زياراتهم العائلية، وأيام الإستقبال في
الإدارات الجزائرية
ثم أصدر قرارا آخر لا يقل أهمية عن سابقه
وهو قرار إلغاء القروض الإستهلاكية في البنوك الذي كان بمثابة ضربة قاصمة
للموظفين البسطاء الطامحين إلى شراء سيارات بالتقسيط، وهو قرار تحطمت معه
أحلام ملايين العائلات الجزائرية التي كانت القروض الإستهلاكية بالنسبة
لها تمثل المنفذ الوحيد لاقتناء سيارة أو أجهزة كهرومنزلية أو غرفة نوم
جديدة أو لإعادة تأثيث المنزل
ثم قام بتخفيض نسبة الفوائد على القروض
العقارية للموظفين وتمكين الموظفين الذين يقل دخلهم عن 40 ألف دينار من
الحصول على قروض سكنية، غير أن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن
رغم أهميته، إذ من المنتظر أن تصدر المراسيم التطبيقية للقرار في 2010
كما كان أويحيى حاضرا بقوة من خلال رده
وموقفه من الحملة الإعلامية المصرية، وحيا تعامل الصحافة الجزائرية وقال
للمصريين: "سيأتي اليوم الذي يسجل فيه التاريخ من كان كبيرا كما سيسجل
أخطاء الآخرين".